عبد الله مراد اوغلو - صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

في تقييمنا للتنظيمات التي تستخدم العنف والإرهاب لا ينبغي ان نُحصر بأيدولوجياتهم او اقوالهم، بل ان الامر يتعدى ذلك بكثير، فبعد الحرب الباردة ظهر اليمين واليسار على الساحة السياسية، ثم حصل الصدام بينهم، وظهر للكثيرين ان هناك علاقات تدور في إطار شبكات تصل بينهم وبين تلك التنظيمات المسلحة في الظلام، كما وقد استخدموا العنف كأداة للحرب والصراع على النفوذ، وفي سياق كل هذا كان أعضاء التنظيمات المسلحة لا يعلمون بانهم مجرد أدوات وبيادق لتنفيذ الاعمال القذرة الخاصة بالقوى العظمى، فهم يحملون تلك الأفكار الرومنسية وتلك المبادئ المثالية ويعتقدون انهم ثوريون.

كل تنظيم من هذه التنظيمات يستخدم سلاحه في طار ايدولوجياته التي يعلنها، وفي حال خرج عن هذا الإطار فانه سيفقد حينها الحاضنة الشعبية. كما وان بعض القوى السياسية تؤسس او تتسلل الى مثل هذه التنظيمات لتستخدمها كأداة في العملية السياسية، فتقوم بالتخلص من العقبات التي تواجهها بهذه الأداة كالسياسيين وبعض اشكال البيروقراطية وغيرها من الأهداف، وبهذا يكونوا قد استخدموا هذه التنظيمات كمقاولين. ومثال ذلك ما حدث في إيطاليا عندما أقدمت كتائب الأحمر باغتيال الدوا مورو عام 1978 زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي الذي كان على اعتاب صلح مع الشيوعيين.

لقد استخدمت الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي هذه التنظيمات بشكل كبير في الحرب الباردة، وبعد سقوط الأخير رأينا كثير من هذه التنظيمات وهي تنهار، ومنها مثلا في فرنسا "الرد السريع" وفي المانيا "بادر مينيهوف" وفي إيطاليا "كتائب الأحمر" كما وقد انهارت هذه التنظيمات وغيرها عندما سقطت المخابرات السوفياتية. ومن الأمثلة على هذا أيضا المقاول الفلسطيني أبو نضال؛ الذي تم اغتياله بعد الانتهاء من استخدامه في الحرب الباردة رغم فشله في احراز أي تقدم في أهدافه سواء ذلك في تحرير فلسطين او حتى محاربة الرأسمالية.

لقد انتهت الحرب الباردة لكن حرب النفوذ بين الدول العظمى لم تنتهي، كما وما يزال الشرق الأوسط على رأس أولويات هذه الدول بسبب وجود مصادر الطاقة ولأسباب أخرى جيوسياسية، ولهذا أيضا فان التنظيمات المسلحة لم تنتهي؛ بل تُركت ليتم الاستفادة منها لاحقا، واليوم نرى وقد تم إعادة انعاشهم باسم القومية والطائفية.

بعد انتهاء الحرب الباردة رأينا ان كثير من هذه التنظيمات المسلحة في أوروبا وامريكا اللاتينية قد تركوا سلاحهم وانخرطوا في العملية الديمقراطية، ففي الوقت الذي كان الغرب يتجه الى مثل هذا كان الشرق ما يزال متمسكا بسلاحه، اليس هذا بغريب؟ ولهذا يجب علينا مراقبة ودراسة الظاهرة بعناية لأننا نقع كحد فاصل بين هذا الشرق وذاك الغرب، كما هو واضح أيضا فان حزب العمال الكردستاني الذي يقوم بأعمال العنف والإرهاب باسم الاكراد لا يمثل الاكراد عندما يتصرف في اطار لا تخدم مصالحهم، فما هو الهدف هو الهدف من أعمالهم تلك يا ترى؟ فحسب احمد زكي اكجتو اوغلو محامي اوجلان السابق الذي قال في حديثه مع اورون ايريري على صفحة karar.com بان حزب العمال الكردستاني تم تأسيسه من قبل الناتو ليكون "المحارب الكردي" كما قال ايضا:

" لا توجد اهداف حقيقية لحزب العمال الكردستاني، انما هنالك اهداف لمن اسسه، فما يطلبه رب العمل هو ما يحصل، فان قال افعل فعل، وان قال اهدم هدم، ولهذا فإننا نرى أحيانا حزب العمال الكردستاني وهو يقوم بأشياء يناقض فيها نفسه، ويدافع عن أشياء مختلفة ومُخالفة له"

عن الكاتب

عبد الله مراد أوغلو

كاتب في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس