رحيم آر - صحيفة تركيا - ترجمة تحرير ترك برس

منذ عام 1950م تاريخ ولادة الديموقراطية الحديثة على ثرى هذا الوطن، نشهد ولأول مرة أن يصل نفس الحزب للمرة الرابعة على التوالي لسدة الحكم. فحزب العدالة والتنمية منذ أن بدأ اعماله في الثالث من تشرين الثاني/ نوفمبر إلى اليوم نوفمبر 2015 استطاع أن يصل للسلطة وبفارق كبير في كل انتخابات خاضها والسبب الرئيسي وراء ذلك قُربه من نسيج المجتمع.

هذا النجاح في الوصول ما هو إلا دليل وأثر لتلك العائلات المحافظة والمتدينة التى هاجرت من الأناضول وقبلت بالمكوث في سراديب الأحياء الخلفية الفقيرة مع البوابين. في فترة ولاية عبد الله غُل كُنا قد قلنا أن "ابن حداد وابن بحار من يدير شؤون تركيا" حيث أن والد عبد الله غُل كان حدادًا والمرحوم والد طيب أردوغان كان بحارا. أما اليوم فيمكننا القول إن الدولة يدير شؤونها ابن بحار وابن تاجر، فوالد أحمد داود أوغلو كان قد عمل بتجارة الأحذية في "تاشكنت" قبل أن ينتقل لقطاع النسيج في "يشيل ديريك".

تركيا اليوم وبفعل الإصلاحات المستمرة تتغرب من جديد وبشكل هدام لكل تلك القيم التي أتت مع الجمهورية الفتية؛ ففي هذه الفترة نشهد صراعًا مع خصم أتباعه أحفاد أيتام حرب البلقان والحرب العالمية وحرب الاستقلال وحرب المرض وحرب الفقر، هؤلاء الأحفاد الذين الذين أتبعوا عدنان مندريس في طريقه و حملوا بطاطينهم على ظهورهم وركبوا القطارات للمدن الكبرى كأنقرة وإسطنبول وإزمير وأضنة. بكلمات أخرى ما هذا الصراع إلا صراع بين أبناء وأحفاد وأتباع فكر الحزب الأوحد، هؤلاء الإصلاحيون الاتحاديون الـ"جون ترك" الذين تخلوا عن أرضهم، ووطنهم، وقيمهم، وعاداتهم ودينهم، بين مفتنوي الغرب وعشاقه وبين من عُجنت جواهر ذواتهم بطينة الأناضول المباركة.

صراع بين من يحمل في صدره عقيدة الإسلام وبين أحفاد توفيق حكمت الذين يحملون في ذواتهم "عقيدة خلوق". جدال بين نسل خلوق أبناء الجمهورية الفتاة وجبروت الحزب الأوحد الذي أصبح مع مرور الزمن يقبل بالتحالفات من أجل الوصول للحكم، الحزب الذي بدلًا من أن يخدم الشعب تفضل عليه ونأى بنفسه ظانا أنه أفضل وفوق البقية. على عكس  ابن السيد أحمد البحار الذي وكعادة السلاطين العثمانيين عند النصر توجه للسلطان أيوب (مسجد أيوب سلطان حيث دفن الصحابي الجليل ابو أيوب الانصاري) وسجد شاكرا، وعكس ابن السيد محمد التاجر الذي قال قبل الانتخابات "لا غالب إلا الله" فحصد أصوات 78 مليون منتخب.

هذا هو الأسلوب المحلي والقومي

مشاركة النصر...

فنحن وحتى في أصعب اللحظات لا نعرف الشعور بالانتقام لأننا نؤمن بوجوب اتباع الحبيب محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما قال عمن أرادوا إن يقتلوه: "ما عرفوا ولو عرفوا ما فعلوا"، ولأننا نقتدي بأبي بكر رضي الله عنه الذي قال "يا ربي لو أن لي جسدًا يكبر فيملأ جهنم ولا يدخلها أحد"، ولأننا اليوم مجبرون على قبول الآخر من المبغوضين والمهمشين.

تركت الإمبريالية الصليبية علينا، فقسم من أبناء هذا الوطن قد غسلت أدمغتهم. وعملية غسيل العقول هذه أنتجت لنا أرباع المثقفين المتأجنبين الذين انتقلوا من جيل إلى جيل وصولا لعصرنا هذا، فربيع الوطن الحالي وصلنا إليه بعد فصول مسمومة طويلة كان فيها قول الله ممنوع.

لن نغضب لكن سنتالم ولن نعلق لكن سنعمل

من؟

نحن

جميعنا

كُل من يرى نفسه منتميًا لهذا الوطن ولهذه الأمة.

عن الكاتب

رحيم إر

كاتب في صحيفة تركيا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس