أ. د. محمد مرعي مرعي - خاص ترك برس

اختبرت سلطة بوتين سياسات التدمير الشامل والأرض المحروقة مترافقة مع التجويع والحصار في جمهورية الشيشان وأبخازيا وأوكرانيا، ووصلت إلى قناعة بأنها أفضل استراتيجية لقتل الشعوب وإنهاء ثوراتها، الأمر الذي دفعها لتصدير براءة الاختراع تلك في القرن الحادي والعشرين إلى حلفائها في إيران والعراق الشيعي وأخيرا في سوريا الثائرة ضد سلطة آل الأسد.

ولم تتحقّق أحلام بوتين بإنهاء ثورة الشعب السوري خلال 3 أشهر كما وعد أوباما ونتنياهو وغيرهم من أسياده رغم كل حملات التدمير والقتل العشوائي والممنهج لكل شيء أرضا وشعبا ومخابز ومدارس ومشافي وبنى خدمية ومساجد وقوافل إغاثة وغذاء ودواء، الأمر الذي دفعه إلى اختيار أسلحته التي اختبرها بنجاح في بلاد القوقاز سيما في الشيشان وأبخازيا، وطبّقها قبله شريكه في القومية والدين (ميلوسوفيتش) في البوسنة والهرسك، وشرع بوتين بتطبيقها في كافة المحافظات الثائرة، لكنه أيقن بمنطق المجرم أنه لم يستطع تركيع الشعب السوري الثائر على حكم ذيله بشار الأسد وسلطته ومرتزقته.

حاليًا، يلجأ بوتين إلى سلاحه ما قبل الأخير (استخدام القنابل الذرية ضد الشعب السوري الثائر)، عبر المطالبة بإغلاق الحدود بين تركيا وشمال سوريا كي لا تدخل أية مساعدات غذائية وطبية لشعب سوريا الذي حاصرته قوى الجريمة الروسية والفارسية الشيعية والداعشية والأسدية من كل الحدود.

فقد قصف جيش بوتين بطائراته وصواريخه البالستية كافة قوافل الإغاثة والمعونات على الحدود التركية السورية ولم يستطع وقف تلك المعونات، ويعرف بأنه لن يستطع وقف الغذاء القادم للشعب السوري من الدول المتحضرة ذات القيم الإنسانية، لكنه يجهد الآن في اختراع أكاذيب متجدّدة بأن الحدود بين تركيا وسوريا هي مصدر إدخال السلاح إلى ثوار سوريا، وأفشل مجلس الأمن ادعاءاته وقطع حبل أكاذيبه.

حقيقة، ما يفعله بوتين وإيران وشيعتها وما تبقى من سلطة آل الأسد هو إمعان في فرض الحصار والتجويع على الشعب السوري الثائر بغية الوصول إلى واقع التقسيم الذي يبقي لهم نفوذا شكليا في سوريا عبر احتلال كافة الحدود السورية (الغرب الساحلي من قبل روسيا بوتين، الحدود مع لبنان وإسرائيل من قبل إيران فارس وشيعتها، الحدود مع الأردن والعراق من قبل داعش، الحدود مع تركيا من قبل عصابات عبد الله أوجلان الكردية)، وبذلك يؤدي بوتين وإيران الشيعية وأذيالهما المهمة الموكلة لهم من أمريكا وإسرائيل على أكمل وجه عكس كل البروباغندا الثورجية بمواجهة أمريكا وحلفائها.

وهكذا، يعيد حكام الجريمة في العالم تجاربهم باستمرار دون ادراك أن إرادة الشعوب لم ولن تقهرها جرائم الطغاة عبر التاريخ فقد (كرّرت بلاد القوقاز ثوراتها 4 مرات خلال قرن ونصف ضد قياصرة روسيا، وكرّرت بلاد البلقان ثوراتها 3 مرات ضد مجرمي السلاف، وما زال الشعب الفلسطيني يحارب الاستعمار الصهيوني منذ 70 عاما، ويكرّر شعب سوريا تجارب انتفاضاته وثورته ضد المستعمر ين من آل الأسد منذ 45 عاما)، ولن تتوقف ثورات الحريات الشعبية في العالم إن وقف في وجهها بوتين أو خامنئي أو غيرهم من أشباههم وأذيالهم من مجرمي العالم.

لقد أعمى الطغيان وحكم المافيات بوتين وأمثاله، ولم يتيقّنوا بأن سياسات القتل والتدمير والحصار والتجويع لم تثن حتى سكان (داريا والمعضمية وجوبر والغوطتين وغيرها)، اللواتي لا تبعد عن قصر الوريث بشار سوى 3 كم ولم يذعنوا لسلطة آل الأسد وما زالت تلك المواقع الثائرة مخرزا في أعين حكام الجريمة، فكيف سيتمكّن بوتين وأشباهه من المجرمين من فرض تقسيم سوريا على ذلك الشعب الثائر؟.

وتتجلّى مأساة التاريخ بأن حكام الجريمة والفساد لا يستفيدون من تجارب فشل غيرهم بل ويكرّرونها.

عن الكاتب

أ. د. محمد مرعي مرعي

جامعة غازي عنتاب، كلية الاتصالات، قسم العلاقات العامة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس