د. درور مانور - موقع إذاعة قول براماه الاسرائيلي - ترجمة وتحرير ترك برس 

السؤال الذي يطرح نفسه كيف ستبدو العلاقات بين إسرائيل وتركيا بعد استئنافها. وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى ستة مليارات دولار تقريبا، حيث تمثل إسرائيل المنطقة التجارية الرئيسة لتركيا إلى المنطقة، فكثير من السلع التركية تمر عبر إسرائيل إلى العراق والأردن. ما من شك في أنه بعد استئناف العلاقات فإن العلاقات التجارية بين البلدين ستتطور بشكل كبير.

العلاقات الاقتصادية بين إسرائيل وتركيا لديها إمكانيات هائلة، وللغاز الطبيعي أهمية كبيرة في هذا العلاقات. جزء من الغاز مخصص للتصدير، ونقله عبر أنابيب إلى تركيا هو الخيار الأفضل بالنسبة لإسرائيل سواء من ناحية الأرباح أو انخفاض التكاليف. سيؤدي استئناف العلاقات إلى تعاون اقتصادي في مجالات أخرى ستساعد على تطوير اقتصاد البلدين: في الصناعة، والتكنولوجيا الفائقة والزراعة والسياحة. والمثال البارز هو قطاع السياحة، فالإسرائيليون يعشقون الرحلات الرخيصة والمريحة إلى أنطاليا وغيرها من الأماكن إلى تركيا.

ستربح إسرائيل كثيرا من هذا الاتفاق لا من الناحية الاقتصادية فحسب، بل من الناحية السياسية أيضا. سيعود الأتراك إلى لعب دور الوسيط الضروري بين إسرائيل وحماس، الأمر الذي يرسخ العلاقات التي اضطربت قبل عامين بعد عملية الجرف الصامد، ويحسن بشكل ملحوظ الظروف المعيشية لسكان قطاع غزة. سيؤثر تعزيز العلاقات مع تركيا بشكل كبير في قدرة إسرائيل على قيادة تحركات دبلوماسية وسياسية مهمة مع الدول العربية، كما يمكن أن يساعد في الصراع المشترك ضد تنظيم الدولة الإسلامية الذي أخذت قوته تتراجع في الفترة الأخيرة.

لكن استئناف العلاقات الإسرائيلية التركية لن يؤدي في المستقبل القريب إلى إجراءات سياسية بعيدة المدى، فمنذ الانقلاب في مصر في تموز/ يوليو 2013 الذي أطاح بمحمد مرسي كان هناك فتور ملحوظ في العلاقات بين مصر وتركيا بسبب شكوك السيسي في دعم تركيا للإخوان المسلمين في مصر وتآمرها عليه من خلالهم. قد يلحق استئناف العلاقات التركية الإسرائيلية ضررا بالعلاقات الأمنية الحميمة بين إسرائيل ومصر، وباستعداد مصر لدعم الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء. أما بالنسبة لتركيا فإن استئناف علاقاتها مع إسرائيل قد يقوض علاقاتها مع إيران ومع دول إسلامية أخرى في أفريقيا وآسيا، وهي دول تعاطفت مع تركيا بسبب موقفها الحازم من إسرائيل.

ستكشف الايام ما إذا كان استئناف العلاقات سينجح كما هو مخطط له سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية، على الرغم من الصعوبات والمخاطر التي ذكرت آنفا، حيث تكفي مواجهة أخرى في قطاع غزة، على غرار عملية الجرف الصامد، لتلحق الضرر خلال فترة وجيزة باستئناف العلاقات. ومن المرجح أن الحكومة الإسرائيلية تأمل في عدم نشوب مثل هذه المواجهة في نهاية المطاف. ستضطر إسرائيل بطبيعة الحال إلى التوافق مع تركيا حول مختلف الموضوعات، ومن بينها القضية الكردية، حيث تتمتع إسرائيل بعلاقات طيبة مع الأكراد الذين يشكلون قوة صاعدة في المنطقة. ستضطر القيادة الإسرائيلية إلى إضعاف العلاقات مع الأكراد، وتتمسك بالبقاء بعيدا عن التدخل في هذا الصراع.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس