مراد يتكين - صحيفة حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

بدأت القوات التابعة لنظام الأسد بالسيطرة على أحياء كانت تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية، كما بدأت الأخيرة بترك حلب شيئا فشيئا بعد ثلاث سنوات من الحرب الدامية التي لم تُبقي ولم تذر حجرا على حجر في حلب.

لا تغركم تصريحات وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف حول تعاونهما على إيجاد حل للأزمة في حلب، في الحقيقة لم يعد بينهما أي تنسيق  يساهم بإيجاد حل جذري، بعدما استخدمت روسيا والصين حق الفيتو ضد مشروع قرار في مجلس الأمن يهدف إلى وقف إنساني مؤقت لإطلاق النار في حلب، فنظام الأسد لا يريد أي هدنة قبل أن يطهر حلب من الإرهابيين وذلك بالاعتماد على هذا الفيتو.

يريد بوتين الداعم لنظام الأسد أن يفرض الأخير هيمنته على حلب ثاني أكبر مدينة في سورية قبل تسلم ترامب رئاسة أمريكا، ومن أجل هذا فهو يعمل على كسب الوقت بخوضه مباحثات شكلية مع أمريكا وتلعب الإدارة الأمريكية المؤقتة دورها في هذه المباحثات وكأن شيئا لم يكن.

وعلى ما يبدو فإن كل الأطراف اللاعبة في المشهد السوري بمشاركة تركيا قبلت هذا الوضع شاءت أم أبت.

لم تعد تركيا متحمسة بخصوص حلب كما كانت عليه سابقا، فقد كان هدف حزب العدالة والتنمية قبل خمس سنوات كالتالي: "سيسقط النظام السوري في ستة أشهر، وهذا بدوره يؤدي إلى إفشال مخطط حزب الاتحاد الديمقراطي في تشكيل كوريدور كردي في الشمال السوري"، لكن منذ بداية عملية درع الفرات أبلغت تركيا أمريكا وروسيا بانتهاء العملية عند السيطرة على الخط الواصل بين مدينة الباب ومدينة منبج، ووعدتهما أيضا بأن عملية الباب لن تمتد لتصل إلى حلب، أما بالنسبة إلى رئيس الجمهورية أردوغان ورئيس الوزراء بن علي فهم لا يريدون أن تتدهور علاقاتهم مع روسيا مرة أخرى.

والكل يعلم بأن حلب إن أصبحت تحت سيطرة نظام الأسد فالفضل يعود لروسيا وبوتين، وقد لعب القائد الديني الإيراني علي خامينائي دورا هاما في تفعيل الدور الروسي في سورية، فقد أرسل اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني مرتين إلى موسكو عام 2015، وأعلم الأخير روسيا بسقوط نظام الأسد إن لم يتم دعمه، وبضرورة حماية قاعدتها البحرية على البحر المتوسط في طرطوس، وفي الوقت ذاته حذر من زيادة التهديد السعودي السني في المنطقة بالتعاون مع تركيا.

وفي شهر أيلول/ سبتمبر 2015 شكل بوتين أول قوة جوية مؤلفة من أربعة وعشرين طائرة عسكرية ووضعها في سورية، وفي الفترة الممتدة بين حادثة إسقاط الطائرة الروسية في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2015 حتى انتهاء الأزمة في شهر حزيران/ يونيو 2016 لم تستطع الطائرات التركية التحليق فوق سورية أبدا بسبب توتر العلاقات مع روسيا، وفي نفس الفترة شهدت العلاقات التركية الأمريكية نوعا من التضاد فالولايات المتحدة أهم حليف لتركيا وبنفس الوقت تدعم تنظيمي الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني الإرهابيين.

سنتطرق لهذه النقطة التي تصف الوضع بوضوح:

قامت روسيا منذ حوالي سنة وشهرين بتحديث قاعدة طرطوس البحرية، عدا عن امتلاكها لقاعدة حميميم الجوية بالقرب من اللاذقية وقاعدة عسكرية استخبارية ذات أهمية في القامشلي على الحدود السورية التركية مقابل مدينة نصيبين التركية، وبدأت روسيا مؤخرا بتركيب أحدث أسلحتها في سورية وإيران وقامت بوضع حاملات طائرات في البحر المتوسط، والملفت للنظر أن حكومة قبرص اليونانية (العضو في الاتحاد الأوروبي) قد وقعت اتفاقية مع روسيا لاستخدام مينائها الساحلي.

ترغب روسيا بالسيطرة على الرقة أو الموصل قبل وصول ترامب للسلطة لكن لا يبدو أن هذا أمر سهل.

يمكنني أن أشرح لكم الموقف التركي بهذا المثال:

تبعد حلب 60 كم عن الحدود التركية وعن مدينة غازي عنتاب 120 كم وعن دمشق 300 كم، لكن الغريب في الأمر أن سكان مدينة عازي عنتاب كانوا يستطيعون تناول وجبة الكباب عند الظهيرة في مدينة حلب قبل الحرب السورية.

وكانت توجد أربع قنصليات لدول مختلفة في حلب وهي: روسيا، وإيران، وأرمينيا وتركيا وكانت القنصلية التركية في حلب هي الوحيدة التابعة لدولة أوروبية وعضو في حلف الناتو.

في عام 1992 ومع انهيار الاتحاد السوفيتي كان الدور الروسي في الشرق الأوسط ضعيفا جدا، أما في الآونة الأخيرة فقد استغلت روسيا توتر العلاقات بين الحليفتين في حلف الناتو أمريكا وتركيا، وعادت روسيا إلى الشرق الأوسط بقوة بمساعدة حليفتها إيران.

ينبغي على كل الأطراف الفاعلة في الشرق الأوسط أن تأخذ حذرها من روسيا.

وعندما يستلم ترامب منصبه الجديد من باراك أوباما في 20 كانون الثاني/ يناير سيجد على طاولته ملفًا سميكًا اسمه "روسيا-الشرق الأوسط".

عن الكاتب

مراد يتكين

كاتب في صحيفة راديكال


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس