محمد بارلاص-صحيفة صباح التركية- ترجمة وتحرير ترك برس

عندما تشعرون بالتغيّرات، وتحاولون على أساسه تجديد أنفسكم حينها فقط بإمكانكم أن تكتشفوا مدى سهولة الحياة، وإن لم تواكبوا وتتأقلموا مع التغيرات فإنكم ستشعرون أنفسكم محاطين بالمشاكل باستمرار.

التغيرات الكبيرة

فكّر بالتغيرات الكبيرة خلال المرحلة التي نعيشها، أليس الاستفتاء الأخير بمثابة ثورة حقيقية؟

كنا شعبا ذا طابع قروي، والآن أصبحنا مدنيين أكثر، وإيصال أسلاك الهواتف إلى المناطق الريفية كانت بمثابة هدف للأحزاب السياسية، أمّا الآن فلدينا هواتف تزيد عن تعداد سكان تركيا.

التخرّج من المرحلة الثانوية كان يتيح أمام الطلاب الذكور الالتحاق بالكلية الحربية ليصبح ضابطا احتياطيا، أمّا الآن ففي كل ولاية توجد الجامعات، إذ لم يعد التخرج من المرحلة الثانوية أمرا مهما كما كان يُعتقد في الماضي

القديم والحديث

يمكننا ملاحظة التغيرات في السياسة بالنظر إلى القادة القدماء، وما تركوه لنا من آثار تمثّل عهدهم.

هل تتذكرون الاتهامات التي وجّهت إلى كلّ من الرئيس السابق "سليمان ديميرال" ورئيس الوزراء السابق "بولنت أجاويد"؟ فقد وصف الأول بأنّه "موريسوني" والثاني بأنّه ممهد الطريق للشيوعية، بمعنى آخر باتوا يُذكرون بهذين الأمرين فقط لا غير.

هل تستطيعون تخيّل الأطفال الذين ولدوا عندما أصبح أردوغان حاكما في السلطة بعد أن قيل عنه في السابق لا يمكنه أن يصبح مختارا فكيف رئيسا، أنهم أصحبوا الآن في سن الـ15، هذا يعني أن أردوغان سيذكر بالكثير من الإنجازات خلال الفترة التي حكم فيها.

دون كيشوت وأوبولوموف

عدم فهم التغيرات ليس حكرا على السياسة! فالأدب ممتلئ بالعديد من الأمثلة، التي تتجسد فيها فكرة عدم فهم التغيرات.

دون كيشوت جرفانتس عبارة عن إنسان مختل كان يظنّ نفسه فارسا، لم يتمكن من تقبّل التغيرات الحاصلة في ظل تصاعد البرجوازية.

أوبلوموف جونتشاروف مثال آخر، إذ تجاهل الحقائق وظل يظن أن كل شيء سيستمر كما في الماضي...... والمعارضة التركية كذلك، فهي لا تتقبل التغيرات، وتعيش في كنف الماضي.

حوادث خطيرة كررت نفسها

تخيُّل بعض الأمور بأنها ممكنة التكرار في الحياة السياسية-الاجتماعية قد يقود إلى أبعاد تراجيدية. على سبيل المثال: "في حال تمت محاولة تكرار السيناريو التي قام بها تنظيم الكيان الموازي في تركيا من قبل البعض فإنهم حتما سيجدون أنفسهم في السجن، أو في حال حاول البعض إعادة سيناريو أحداث "غيزي بارك" وإدراجها مجددا فإنه سيصطدم بحالة الطوارئ المفروضة".

الإدراك بوقت متأخر

كتركيا التي يتواجد قسم منها في القارة الأوروبية، وقسم منها في القارة الآسيوية تواجه بشكل مستمر معضلات في إدراك بعض التغيرات الحاصلة. وهذه الحال أدّت بشكل مستمر إلى صراعات ومشاكل.

حين يصبح التقدّميون رجعيين

بعض المواقف التي كانت جديدة وتقدميّة بعد مضي وقت معين ستصبح قديمة، ألم يفسّر تقدميّو أمس بعد زمن معين التقدّم الحاصل على أنه خطر، وكذلك ألم ينعتوا محللي الحالات والمواقف العالمية في كثير من الأحيان على أنهم خونة؟

باختصار علينا ألا نصعّب حياتنا من خلال تجاهل التغيّرات الحاصلة حولنا، وحصر أنفسنا في كنف الماضي..

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس