فخر الدين ألتون - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

يومًا بعد يوم تتباعد المسافة ما بين "تركيا التي يحلم بها أعداؤها" و"تركيا الحقيقية". فالأحلام شيء وواقع الحال شيء آخر.

صحيفة هافينغتون بوست، وهي من أبرز ممثلي الإعلام الغربي الليبرالي، أخرجت كل ما في جعبتها أمس الأول، فانظروا إلى الصورة التي قدمتها عن تركيا:

- المجتمع التركي منقسم على نحو سيئ للغاية!

- نصف الشعب يعارض سلطة أردوغان، وهذه المعارضة سوف تتعاظم تدريجيًّا!

- الاقتصاد يسير إلى الركود، شاب من كل أربعة عاطل عن العمل، هناك تراجع في السياحة!

- أردوغان يشعل فتيل الحرب من جديد مع الأقلية الكردية!

- قد يكون إدخال الدين إلى شؤون الدولة هو الخطوة القادمة بعد الاستفتاء من خلال التعديلات الدستورية الجديدة!

- يجري تحييد وتصفية الجيش بشكل كامل بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة!

هذه هي الأحلام، لكن الواقع أمر مختلف تمامًا.

بطبيعة الحال من يقدمون على هذا النوع من الترهات في هافينغتون بوست وما شابهها من وسائل إعلامية لا يعبرون فقط عن أحلامهم. فجميع هؤلاء هم جزء من عملية سياسية موجهة ضد تركيا ورئيسها أردوغان.

هذا النوع من الأخبار موجه من أجل تحريك اللاعبين الذين يمتلكون إمكانية التأثير بشكل ما على تركيا على الصعيد الميداني.

وهناك ثلاثة لاعبين أساسيين تستهدفهم الأخبار المذكورة.

الأول هو الإدارة الأمريكية الجديدة.

تعمل هذه الأخبار على تقديم أردوغان إلى دونالد ترامب وطاقمه على أنه "إسلامي راديكالي".

وهذا النداء في الخبر نفسه كان موجهًا بشكل صريح إلى ترامب.

وجاء في الخبر "هل ستقيم الولايات المتحدة الأمريكية تحالفًا مع عشرات الملايين من الناس الذين يقاومون في مواجهة التسلط، أم أنها ستأخذ مكانها مرة أخرى في الصفحة الخطأ من التاريخ؟ هذا ما سنراه"!

الرسالة الموجهة إلى ترامب هي "لا تتعاون مع أردوغان".

المثير للاستغراب هو أن من وجهوا هذه الرسالة هم نفسهم من لا يعترفون بترامب كلاعب مشروع داخل النظام ويقولون "هو ليس رئيسي".

اللاعب الثاني المستهدف من الخبرهو القوات المسلحة التركية. فالخبر يحرض بشكل واضح وصريح الجيش.

ولم يبقَ إلا أن يرفعوا بكل صراحة لافتة تدعو الجيش إلى التدخل في الحياة السياسية.

لكن لنقلها مرة أخرى، هؤلاء الساعين إلى تحريض الجيش التركي هم مجموعة من الخاسرين، الذين لا خير فيهم حتى لأنفسهم.

أما اللاعب الثالث فهو حزب الشعب الجمهوري.

يطلب معدو الخبر من الحزب التصرف بحيث ينزل الناس إلى الشوارع.

رحبت هذه الوسائل الإعلامية بكل المبادرات التراجيدية الكوميدية، التي أقدم عليها الحزب عقب 16 أبريل/ نيسان من أجل إلقاء ظلال الشك على نتائج الاستفتاء. وعملت على الإيحاء بأن نسبة الـ 48% ممن صوتوا بـ "لا" في الاستفتاء، هي ناخبو حزب الشعب الجمهوري.

كما قلت الأحلام شيء، والواقع شيء آخر.

تجاوزت تركيا عتبة هامة في 16 أبريل على الرغم من كل هذه المساعي السياسية المصطنعة لعرقلتها، وواصلت طريقها بقوة أكبر.

سيجتمع الرئيس التركي الشهر المقبل مع أهم زعماء العالم في الهند وروسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية وبروكسل.

وستتمخض هذه المباحثات عن قرارات في غاية الأهمية سوف يكون لها تأثير كبير على المرحلة المقبلة بالنسبة لتركيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس