نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

أكثر من شهر ونصف مضى على انطلاق عملية "غصن الزيتون" في عفرين. تتحدث البيانات الصادرة عن الجيش التركي عن عدد القتلى من الإرهابيين والمناطق المطهرة منهم. بحسب البيانات تمكن الجيش التركي من السيطرة على 34% من المستهدف.

بالنظر إلى مساحة المنطقة وعدد عناصر حزب العمال الكردستاني الإرهابي وعدد القوات التركية وقوة أسلحتها، يبدو أن هناك حاجة لإعادة دراسة وجهة نظر الحزب.

من المعروف أن حزب العمال قام بتحضيرات جدية في عفرين، ومن ناحية أخرى، خسائره الكبيرة في العملية حقيقة لا غبار عليها.

يتضح مما سبق أن الحزب لا يمكنه تحقيق النصر بالمعنى الكلاسيكي في العملية العسكرية المستمرة بعفرين. يمكن تفسير ذلك بأنه "قلة حيلة" بالنسبة للحزب، لكن الاستراتيجية التي يتبعها ومواصفات العملية تشير لوجود توجه مختلف لديه.

فالحزب لا يفكر بالأهداف العسكرية المحددة للعملية، وإنما بالمخرجات السياسية والنفسية لها. في الحروب التقليدية تتمتع الإحصائيات العسكرية بالأهمية.

عدد القتلى من الأعداء والمناطق الاستراتيجية التي تمت السيطرة عليها تعطي فكرة عن السير العام للحرب. يتحدد قرب أو بعد أطراف الحرب من أهدافها من خلال عدد ما فقدته من جنود وأراض. لأن وجود الدولة رهن بالأرض. في الحرب التقليدية تشتت الجيش وفقدان الأرض يعني أن الدولة خسرت.

لكن كل ذلك أهميته ثانوية بالنسبة لتنظيم إرهابي يتعلق وجوده بأمور غير تقليدية. لا يهم مساحة الأرض أو عدد المقاتلين الذين يفقدهم، المهم بالنسبة له هو الصمود بحيث يواصل وجوده السياسي، وإلحاق الضرر بعدوه على الصعيدين العسكري والنفسي، وإظهار فشل الحكومة المعادية له، وتقسيم المجتمع.

ولهذا يبدو أن حزب العمال الكردستاني يركز في استراتيجيته على نقاط خمس:

الأولى: إطالة أمد العملية قدر الإمكان، وإثارة الجدل والتوتر في الداخل والخارج على الصعيد الاقتصادي والعسكرية والسياسي والقانوني والإيديولوجي.

الثانية: المحافظة على دعم أهالي عفرين له، وإبقاؤهم في المنطقة خلال العملية بهدف تقييد استخدام الجيش التركي القوة، ودفعه للخروج عن الأطر القانونية والقيام بحرب دعائية من خلال ادعاء سقوط ضحايا مدنيين.

ثالثة: تجييش جميع المتعاطفين معه والداعمين له.

الرابعة: إثارة ردود أفعال دولية ضد الحكومة التركية.

الخامسة: زعزعة العلاقات التي تتميز بالهشاشة بين الدول والمجموعات الموجودة في سوريا.

تكافح تركيا حزب العمال الكردستاني على جبهات مختلفة، وعفرين هي جزء واحد من هذه المكافحة. وفي المقابل، لا يتبع الحزب في مواجهة تركيا استراتيجية جديدة ابتدعها بنفسه، وإنما وُضعت له من جانب أطراف أخرى.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس