عاكف بكي – صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس

كلما وقعوا في مأزق يلجأ رفاق تركيا في أستانة إلى ورقة عفرين. تتبادر إلى أذهانهم فورًا مطالبة أنقرة بتسليم عفرين للأسد، في وقت تتوارد خلاله صور من الغوطة الشرقية تروي وحشية الهجوم الكيميائي.

ألا يتساءل المرء، لماذا يتحدثون عن عفرين عوضًا عن الغوطة الشرقية؟ لكن الرسالة على الأغلب ذات مغزى أعمق مما تعتقدون.

لا يبدو أن المغزى يقتصر على خنق القضية الواجب الحديث عنها، ونقل مركز الاهتمام، وتحويل الأنظار في اتجاه آخر ليتمكن الأسد من ارتكاب جرائم الحرب كيفما يشاء، والتغطية على وحشيته..

كأنما تحول استخدام ورقة عفرين ضد أنقرة إلى عادة لدى موسكو وطهران، شريكتا تركيا في مفاوضات الحل بسوريا. كلما أثار الأسد غضب تركيا تلجأ روسيا وإيران إلى سلاح عفرين، وتسعيان للعب على هذا الوتر.

لنقل إنها خطة للتضييق على تركيا وأسر إرادتها. تريد موسكو وطهران أن تهاجم أنقرة الغرب وتنتقده، وأن تتهمه بالتزام الصمت إزاء جرائم الأسد، وتحوله إلى كبش فداء، دون أن تلتفت إليهما وتوجه إليهما أي انتقاد، وتتهمهما بالتورط في هذه الأعمال.. تريدان أن تدفع ثمن فتح أجواء عفرين أمامها..

تساوي روسيا وإيران ما بين كفاح تركيا وما تسميانه زورًا مكافحة للإرهاب، وتزعمان أنهما تطهران الغوطة الشرقية من الإرهابيين.

تريدان أن تغض تركيا الطرف عن مجازر الأسد حتى لا يبقى معارض واحد له، وأن تتغاضى عن عملياته في حرق وتدمير كل بلدة وقرية تقاومه وفي عدم الاعتراف بحق الحياة لمن يعارضونه، وتعتبر كل ذلك مكافحة للإرهاب.

وكما تسعيان للحيلولة دون محاسبة الأسد عن جرائمه، تحاولان من جهة أخرى وضعه في موقع الدائن، وأنقرة في موقف المدين.

لا ترغبان أيضًا في أن تنبس أنقرة ببنت شفة إزاء طهران، التي شنت حملة عبر إعلامها الرسمي لتشويه عملية غصن الزيتون، واتهمت الجيش التركي بقتل المدنيين والاعتداء على الأكراد.

تريدان أن تنتقد أنقرة الغرب لأنه أعرب عن قلقه من مقتل مدنين في عفرين إلا أنه وقف موقف المتفرج من مجزرة الغوطة الشرقية، وأن تحمله مسؤولية جرائم الأسد ودماء الأبرياء.

لكن حليفتي أنقرة في أستانة مخطئتان، فلا عفرين يمكن أن تكون ضمانة للأسد، ولا اللعب بورقتها معادلة يمكن أن تستمر.

لا يمكنهما أن تغسلا أيديهما الملطختة بالدماء عبر استغلال عفرين، وأن ترميا مسؤولية مشاركتهما بجرائم الأسد على الغرب.

لا يمكنهما استغلال هذا الوضع طويلًا.. وأقول لهما ألا تركنا كثيرًا إلى إمكانية ابتزاز تركيا عبر عفرين، وألا تعتقدا أن بإمكانهما إقناعها ببراءة الأسد من خلال التهديد بإجبارها على التخلي عن عفرين لصالح النظام..

إلا إذا كانتا تعتزمان تقويض تحالف أستانة.

عن الكاتب

عاكف بيكي

كاتب في صحيفة حريت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس