برهان الدين دوران - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس 

وضع الاتفاق الذي توصلت إليه تركيا وروسيا، الأسبوع الماضي، خطة جديدة لإنهاء النزاع وأظهر أن البلدين متحدان في التزامهما بعمليات أستانا وسوتشي. الأهم من ذلك هو قدرتها على وقف الاشتباكات في إدلب والحفاظ على إطار العلاقات الثنائية.

يبدو أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، أجريا نقاشات شاملة تضمنت على سبيل المثال لا الحصر، الوضع في إدلب وليبيا.

قال الرئيس أردوغان للصحفيين إن بوتين وعد باتخاذ بعض الإجراءات فيما يتعلق بعمليات مجموعة فاجنر في ليبيا، الأمر الذي يدعم استنتاجي أن الزعيمين لم يقصرا حديثهما على إدلب. في النهاية، لم يمنح أردوغان وبوتين الأطراف الثالثة فرصة لعرقلة العلاقات التركية الروسية.

على أن هناك الكثير مما يجب عمله لتسهيل الانتقال السياسي في سوريا. لم تنته بعد معركة تركيا ضد نظام بشار الأسد في شمال سوريا، لأن دمشق تطالب تركيا بالانسحاب من إدلب والمناطق الثلاث الآمنة التي فرضتها تركيا. يمكن للنظام أن ينتهك وقف إطلاق النار بمجرد أن تسنح فرصة جديدة. إن قرار الأسد بنشر ميليشيات موالية للنظام في ليبيا، حيث سيقاتلون إلى جانب قوات الانقلابي الليبي اللواء المتقاعد خليفة حفتر، يشهد على موقفه المناهض لتركيا.

تتطلب "استدامة" وقف إطلاق النار في إدلب "عملية" جديدة. ربما يكون اتفاق 5 آذار/ مارس قد أوقف القتال، لكن من المستحيل تجاهل الموقف على الأرض. هناك حاجة لتحليل سيناريوهات بديلة للتحضير لانتهاكات وقف إطلاق النار المحتملة. ومع أن تركيا تتعامل مع مجموعة من القضايا المتعلقة بالسياسة الداخلية والخارجية، فإنه لا يجب عليها أن تحط من شأن ملف إدلب. يمكن أن يؤدي الفشل في مواصلة الاهتمام إلى تحويل إدلب إلى مشكلة خطيرة للغاية تنطوي على إمكانية تعريض تعاون تركيا مع روسيا للخطر.

إذن، ماذا يجب عمله؟ لنبدأ بقائمة من الحقائق: الوضع الحالي مختلف تمامًا عن اتفاقية سوتشي لعام 2018. كانت هناك مواجهات عسكرية خطيرة بين تركيا ونظام الأسد. لأول مرة منذ اندلاع الثورة السورية، أجرت الحكومة التركية عملية عسكرية قوضت تقويضًا كبيرًا القدرات العسكرية للنظام. في إطار الاتفاق الذي وضع لتهدئة هذه التوترات، اتخذت تركيا وروسيا تدابير إضافية للحفاظ على وقف إطلاق النار. سيضطلع الجيش التركي بدور أكثر نشاطًا ورسمية في إدلب من خلال ممر أمني ومهام دورية مشتركة على طول الطريق السريع M4. لكن هذا لم  يحل الأزمة بالكامل. يمكن أن يندلع العنف في أي لحظة، إذ يستمر الأسد في البحث عن فرصة للضرب.

في ضوء التطورات الأخيرة، تحتاج تركيا إلى زيادة، وليس الحد، من وجودها العسكري في إدلب. هذا يعني أن عملية درع الربيع يجب أن تستمر، مع مهمة محدثة لحماية المدنيين والإشراف على خروج الجماعات المتطرفة. يجب أن تستعد الحكومة التركية لانتهاك محتمل لآخر وقف لإطلاق النار وأن تضع الأساس لإنشاء منطقة آمنة في غرب وشمال إدلب. في المرة التالية التي ينتهك فيها الأسد وقف إطلاق النار، ستضطر تركيا إلى اختيار أحد الخيارين السيئين: الخروج من إدلب الأمر الذي يعرض مناطقها الآمنة المتبقية في شمال سوريا للخطر، أو الانخراط في مواجهة عسكرية أكثر شمولًا. لتجنب مثل هذا الاختيار، يجب أن تتخذ الاحتياطات العسكرية دون تأخير.

وقف إطلاق النار في إدلب أمر حاسم بالنسبة للاجئين السوريين ومستقبل المناطق الآمنة في تركيا. لقد شهدنا كيف يمكن لتصعيد في إدلب أن يعطل العلاقة التركية الروسية. منعت اتفاقية الأسبوع الماضي انهيارًا خطيرًا في العلاقات الثنائية، وذلك بفضل خطوات أردوغان البناءة إلى حد كبير. وهكذا اضطر نظام الأسد إلى احترام وقف إطلاق النار.

يجب على جميع الأطراف بذل جهد جاد لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل من أجل منع تصعيد مماثل في المستقبل. يجب على تركيا تقديم رد دبلوماسي وعسكري قوي على الانتهاك القادم للنظام. وبعبارة أخرى، يجب أن تنشط مراكز المراقبة العسكرية التي أنشئت بموجب اتفاق سوتشي لعام 2018 في العمل وفي الوقت نفسه، يجب على تركيا الاستمرار في الحوار مع الحكومات الغربية، في حالة اندلاع أزمة جديدة في المستقبل. تحتاج  تركيا إلى مضاعفة جهودها لتحسين الظروف المعيشية للمشردين داخليًا في سوريا والقيام بالدبلوماسية من أجل مستقبلهم.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس