ترك برس

منذ إنشائه قبل عقود، كانت تكيّة " خاصكي سلطان" أو ما يُعرف بالتكية العثمانية، معيناً وملاذاً للفقراء من سكان القدس الشريف، لتضاعف من عطائها مؤخراً في ظل وباء كورونا الذي أثقل كاهل المحتاجين من المقدسيين.

ويعود بناء التكيّة العثمانية إلى عام 1552، عندما قررت روكسيلانه، زوجة السلطان سليمان القانوني، إقامة تكية تحمل اسمها لتوزيع الطعام على الفقراء في القدس.

وروكسيلانه، من أصل روسي، هي الزوجة الثانية للسلطان العثماني سليمان القانوني الذي بنى سور القدس القديمة، وكانت توصف بأنها "خاصكي سلطان" أي أثيرة أو محبوبة السلطان، أما "التكية" فتطلق على المكان الذي يتم فيه توزيع وجبات الطعام الساخنة على الفقراء.

وبعد مرور أكثر من 468 عاما على تأسيسها ما تزال "تكية خاصكي سلطان" تقدم العطايا إلى كل الأيادي الممدودة إليها، على مدار أيام السنة.

وتقع التكية العثمانية داخل ركن من مبنى أثري قديم بالبلدة القديمة، شرقي مدينة القدس، وبالتحديد في حي "الواد"، على مقربة من بوابة الناظر، في الجدار الغربي من المسجد الأقصى.

ويمكن الوصول إلى التكية من خلال باب خشبي كبير يؤدي إلى ساحة كبيرة تفضي إلى التكية التي تشتهر أيضا بتقديم شوربة الجريشة، الذي يعتبر القمح مكونا رئيسيا لها.

الطبخ يتم باستخدام الغاز، وفي قدور ضخمة جدا وحديثة، أما الغرف القائمة في جهتها الغربية فقد تم تحويلها إلى مستودع للمواد التموينية والحبوب، أعد بشكل جيد لضمان أعلى قدر ممكن من النظافة.

وفي الجهة الشمالية المقابلة لقاعة المطبخ يقع فرن قديم، غير أنه بسبب نقص المساعدات المالية فهو مغلق في أغلب الأوقات.

ونقلت وسائل إعلام تركية، عن الشيخ عزام الخطيب، مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس ، قوله إن التكية تعمل على مدى أيام السنة ولكن نتيجة للأوضاع الصعبة التي تمر بها مدينة القدس، شأنها شأن باقي المناطق في العالم، نتيجة انتشار فيروس كورونا فإن اعداد المستفيدين ازدادت بشكل ملحوظ".

واستنادا إلى نشرة تعريفية أعدتها الأوقاف الإسلامية فإن "تكية خاصكي سلطان كانت من أكبر المؤسسات الخيرية في فلسطين طيلة العهد العثماني، وقد استمرت في تقديم الخدمات للفقراء والمرابطين والمسافرين لمئات السنين".

وتضيف النشرة "ولكي تضمن استمرارية العمل، أوقفت روكسيلانه على التكية مشاريع تدر أرباحا تسد احتياجاتها ومصاريفها والعاملين فيها، حيث بلغت المشاريع والقرى الموقوفة على التكية 29 قرية ومزرعة ومشروعًا، حسب ما ورد في وقفيتها".

وقال الشيخ الخطيب "تكية خاصكي سلطان مفتوحة أمام جميع الناس في كل أيام السنة ولكن في شهر رمضان يزداد عدد الأشخاص الذين يتردون عليها".

وأضاف "في هذا العام ازدادت أعداد الوافدين إلى التكية نتيجة الأوضاع الصعبة بعد أن وجد الكثير من الناس انفسهم بدون عمل نتيجة الإجراءات الهادفة للحد من انتشار الفيروس".

الطباخ سمير جابر، قال إن "العدد الاجمالي للمستفيدين نحو 100 عائلة في الايام العادية، ولكن في شهر رمضان تزداد الأعداد بشكل ملحوظ وبخاصة في ظل الظروف الحالية التي نعيشها الآن مع جائحة كورونا فالكثير من الناس فقدوا أعمالهم وأصبحوا بحاجة".

وأشار جابر إلى أن "التكية تعد أيضا وجبات الافطار لحراس المسجد الأقصى المغلق أمام المصلين منذ نهاية شهر مارس/آذار كإجراء وقائي حفاظا على حياة المصلين ولمنع انتشار الفيروس بينهم".

وقال جابر"بالنسبة لحراس المسجد الأقصى وعددهم 60-70 حارسا ، فإننا نقدم لهم يوميا وجبات الافطار الساخنة وهي عبارة عن ارز ولحمة وسلطات وشوربات وتمر وفاكهة ، فبعد توزيع وجبات الطعام على العائلات فإننا نعد الوجبات للحراس".

ويبدأ العمال في التكية يومهم في ساعات الصباح الباكرة لتكون الوجبات جاهزة للتوزيع في فترة ساعات الظهر حيث تبدأ العائلات بالتوافد للحصول على وجبات الطعام الساخنة.

وقدر الشيخ الخطيب بأن نحو 700 عائلة باتت تحصل على الوجبات يوميا من التكية منذ بدء شهر رمضان.

وقال" نحن لا نغلق الباب أمام أحد، سواء أكانوا مسلمين او مسيحيين، فمن يأتي إلى التكية يحصل على وجبات الطعام ونقوم كدائرة أوقاف إسلامية بواجبنا في هذا المجال".

وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن أعداد الفقراء ازدادوا في الأشهر القليلة الماضية بسبب القيود التي أفقدت آلاف المواطنين عملهم ولو مؤقتاً.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!