(صورة أرشيفية لبرج إيفل في باريس وهو مضاء بألوان العلم التركي)

ترك برس

شهدت معظم المدن التركية خلال الأيام الماضية مظاهرات نصرة للرسول (ص) وتنديداً بتطاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الإسلام والمسلمين، وذلك بالتزامن مع دعوة رئيس البلاد، رجب طيب أردوغان للتوقف عن شراء المنتجات الفرنسية.

المظاهرات التي دعت إليها النقابات والمؤسسات المدنية التركية، رفع المشاركون فيها لافتات احتجاج باللغتين التركية والفرنسية تشجب التصريحات الفرنسية حول الدين الإسلامي وتدعو لعدم المساس بالمقدسات.

كما أصدرت 4 أحزاب ممثلَة في البرلمان التركي بيانا مشتركا رداً على تصريحات ماكرون الأخيرة حول الإسلام، وهي: حزب العدالة والتنمية، وحزب الشعب الجمهوري، وحزب الحركة القومية، والحزب الجيد.

ووفقاً لخبراء ومراقبين، فإن مقاطعة البضائع الفرنسية تكتسب أهمية خاصة في تركيا؛ نظراً للانفتاح الكبير في التبادل التجاري بين البلدين، إذ تعد فرنسا من أكبر 10 مصدرين عالميين لتركيا، وسابع أكبر المستوردين منها.

لكنهم ورغم ذلك أكدوا أنه ما زال من الصعب الحكم على النتائج المباشرة لحملات المقاطعة في تركيا والعالم الإسلامي، رغم ظهور بعض مؤشرات التراجع في الخطاب الفرنسي الذي أبدى محاولات استمالة مؤخرا للمسلمين.

ويرى الباحث في الاقتصاد الدولي بجامعة "تشوكوروفا" جنكيز أنار، أن من شأن دوام خطوات المقاطعة لفترات طويلة أن ترهق الاقتصاد الفرنسي، الذي عانى أساسا من انكماش زادت نسبته على 13% منذ انتشار وباء فيروس كورونا في الأشهر الأولى من هذا العام.

ولفت الباحث إلى أن تصدّر تركيا مشهد حملات المقاطعة في إطار ردود العالم الإسلامي على تطاول ماكرون ينذر بإطالة أمد هذه المقاطعة؛ نظرا إلى مكانة تركيا في العالم الإسلامي، وفرص التحاق دول كثيرة بها، على خطى الكويت وقطر اللتين بدأت المقاطعة فيهما بشكل عملي، وفقاً لما نقله تقرير لـ "الجزيرة نت."

وأوضح "أنار" أن الاقتصاد الفرنسي سيتضرر بشكل حقيقي في حال استمرت المقاطعة التركية له؛ نظراً لارتفاع حجم الصادرات الفرنسية إلى تركيا، رغم ميل ميزان التبادلات التجارية بين البلدين لمصلحة أنقرة بقيمة 1.1 مليار دولار العام الماضي.

ووفقا لبيانات هيئة الإحصاء التركي، فإن قيمة التجارة بين فرنسا وتركيا تجاوزت عام 2019 مبلغ 14.7 مليار دولار، بينها أكثر من 6.8 مليارات صادرات فرنسية إلى تركيا مقابل 7.9 مليارات دولار صادرات تركية إلى فرنسا.

وخلال الشهور الثمانية الأولى، بلغ حجم الصادرات التركية إلى فرنسا 4.2 مليارات دولار، في حين بلغ حجم الواردات 3.9 مليارات دولار.

وتشمل الصادرات الفرنسية للسوق التركي معدات الطيران التي تستوردها الخطوط الجوية التركية، ومعدات تشغيل مصانع السيارات في "بورصة"، ولقاحات الإنفلونزا التي تمثل فرنسا مصدر تزويدها الأول للقطاع الصحي التركي.

وأشار الأكاديمي التركي إلى أن ملف الصادرات يمثل واحداً فقط من أوجه التبادل الاقتصادي التركي الفرنسي، مبينا أن قيمة الاستثمارات الفرنسية المباشرة في تركيا تبلغ 5.4 مليارات دولار، وتشكل 3.3% من الاستثمارات الأجنبية في البلاد، التي تبلغ قيمتها الإجمالية 163.5 مليار دولار.

ورأى "أنار" أن باريس تحسب الكثير من الحسابات للمقاطعة التركية، وقال إن ذلك يفسر بوضوح تصريحات وزير التجارة الفرنسي فرانك ريستر، الذي استغرب من دعوات أردوغان لمقاطعة بضائع بلاده؛ قائلا إن باريس لا تحمل أي أجندة للخصومة الاقتصادية، وإنها تستغرب ربط التوتر الناتج عن قضية الرسوم المسيئة بالعلاقات التجارية بين البلدين.

وعبر "أنار" عن اعتقاده بأن تلجأ باريس للتهدئة، ومحاولة امتصاص الغضب التركي؛ تجنباً لآثار المقاطعة الاقتصادية التي لا تملك باريس قدرة على مواجهتها، لا سيما أن حجم الاستثمارات التركية في فرنسا صغير، ولا يتجاوز 160 مليون دولار.

وشهدت فرنسا خلال الأيام الماضية، نشر صور ورسوم كاريكاتورية على واجهات بعض المباني، مسيئة إلى النبي محمد، ما أشعل موجة غضب في أنحاء العالم الإسلامي.

وفي 21 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن بلاده لن تتخلى عن "الرسوم الكاريكاتورية"، ما ضاعف موجة الغضب في العالم الإسلامي، وأُطلقت في بعض الدول حملات مقاطعة للمنتجات والبضائع الفرنسية.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!