ترك برس

قال مراقبون فلسطينيون إن أسطول الحرية الذي توجه إلى قطاع غزة، في عام 2010،غيّر نظرة العالم تجاه "الحصار الإسرائيلي"، وفضح الممارسات الإسرائيلية، وأسس لـ"مفاهيم تضامن جديدة مع القطاع ".

واعتبروا في حوارات منفصلة مع مراسلة الأناضول يوم أمس الأحد، أن أسطول الحرية المكوّن من ست سفن أكبرها سفينة "مرمرة الزرقاء" التركية، كان له دور هام في تخفيف الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ما يزيد ثماني سنوات.

وفي 29 مايو/آيار 2010 أبحر أسطول الحرية، في اتجاه قطاع غزة، من مرفأ لارنكا القبرصي بعد رحلة طويلة واستعدادات دامت لعدة شهور.

وفي 31 مايو 2010، وأثناء إبحار الأسطول في المياه الدولية في عرض البحر المتوسط، هاجمت قوات كوماندوز تابعة للبحرية الإسرائيلية؛ بالرصاص الحي والغاز سفينة "مرمرة الزرقاء"، التي كانت تحمل على متنها المساعدات الإنسانية، وأكثر من 500 متضامن معظمهم من الأتراك.

وأسفر الهجوم الإسرائيلي عن مقتل 10 من المتضامنين الأتراك، وجرح 50 آخرين، مما أحدث توترًا في العلاقات التركية الإسرائيلية، وإلى استنكار دولي واسع، أجبر إسرائيل على التخفيف من حصارها على قطاع غزة.

وألقت "مرمرة الزرقاء" الأضواء عن كثب على "فضائح وانتهاكات إسرائيل"، كما يرى أحمد يوسف، رئيس مركز بيت الحكمة للاستشارات حل النزاعات في غزة (خاص).

وقال لمراسلة الأناضول:" مرمرة الزرقاء ستبقى محطة أساسية في كسر الحصار، وتعرية إسرائيل التي انتهكت القانون الدولي، أمام العالم".

ووفق يوسف فإن "التضامن التركي وسقوط الشهداء الأتراك على أرض فلسطين، دليل على الروابط القوية بين الشعبين، ووحدة الدم بينهما".

وأضاف:" تركيا كانت وما زالت الداعم القوي لقضية فلسطين، فبالرغم من فرض الحصار، وغياب الدعم والعربي والإسلامي من دول عديدة، كانت هي حاضرة في كل وقت".

ويرى جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لرفع الحصار، في قطاع غزة، (غير حكومية)، أن "أسطول الحرية والاعتداء الإسرائيلي على سفينة مرمرة الزرقاء، كان العامل الرئيس في إثراء واقع التضامن الدولي مع قطاع غزة".

وتابع لمراسلة الأناضول:" سفينة مرمرة الزرقاء ساهمت بشكل كبير في تأسيس مفاهيم جديدة للتضامن مع غزة، وتغير نظرة المجتمع الدولي تجاه قضية الحصار، وكشف مظلومية الفلسطينيين أمام العالم".

وأكد الخضري أن سفن التضامن التي جاءت لمهمة إنسانية وبطريقة سلمية وقانونية "شكلت نقطة تحول في سبل وطرق التضامن الدولي مع غزة، من خلال فضح الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين".

وأدخل أسطول الحرية معادلة جديدة في قضية الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، كما يقول، رامي عبدو، مدير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، لمراسلة الأناضول.

وأضاف:" لا شك في أن الاعتداء الإسرائيلي على الأسطول، شكّل محطة هامة من محطات الحصار، وغيّر معادلة الجوع الشديد التي كانت تتبعها إسرائيل في التعامل مع غزة".

واستدرك:" ساهمت مرمرة في إحداث تغير جوهري وبشكل عملي فيما يتعلق بحصار غزة، فقد اضطرت إسرائيل للتخفيف من وطأة حصارها بعد عام 2010".

ويقول رائد فتوح رئيس لجنة تنسيق إدخال البضائع إلى قطاع غزة (تابعة لوزارة الاقتصاد الفلسطينية)، إنّ الشاحنات التي كانت تدخل إلى القطاع قبل منتصف 2010 لم تكن تتجاوز الـ"10" شحانات، محملة بمستلزمات قليلة.

وأضاف فتوح في تصريح سابق، لوكالة الأناضول إنه وبعد منتصف العام 2010 بدأت إسرائيل بالتخفيف من حصارها.

وتابع:" سمحت بزيادة عدد الواردات لتصل إلى 200-400 شاحنة يومية تحت ضغط دولي عقب قيام قواتها البحرية بالاعتداء على متضامني سفينة مرمرة التركية".

وفي مارس/آذار 2013 أعلنت الحكومة التركية رسميا، تقديم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اعتذارا لتركيا، خلال إجرائه مكالمة هاتفية، مع رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، مؤكدة قبول أردوغان، باسم الشعب التركي، اعتذار نتنياهو، عن الهجوم على سفينة مرمرة.

وأوضحت الحكومة أن نتنياهو أبلغ أردوغان، عن سماح إسرائيل باستمرار تدفق البضائع والسلع الغذائية إلى الأراضي الفلسطينية دون توقف، ما دام الهدوء مستمرا.

ولفت عبدو إلى أن شهداء سفينة مرمرة ما يزالون عالقون في أذهان الفلسطينيين وكل أحرار العالم، لأنهم عبروا بشكل أخلاقي وقيمي عن الدور التركي في مساعدة المظلومين".

ويرى أن "أسطول الحرية وتوالي سفن التضامن إلى قطاع غزة، يعزز من أهمية إنشاء ممر مائي لقطاع غزة، يصل القطاع المحاصر مع العالم".

وأشار عبدو إلى أن وصول العديد من السفن إلى قطاع غزة، هو "بمثابة محاولة وفاء لدماء الأتراك وتأكيد على ضرورة كسر الحصار".

ومنذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، التي تعتبرها إسرائيل "منظمة إرهابية"، بالانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير/ كانون الثاني 2006، تفرض إسرائيل حصارًا بريا وبحريا على غزة، شددته إثر سيطرة الحركة على القطاع في يونيو/ حزيران من العام التالي.

واستمرت إسرائيل في هذا الحصار رغم تخلي "حماس" عن حكم غزة، وتشكيل حكومة توافق وطني فلسطينية أدت اليمين الدستورية في الثاني من يونيو/ حزيران 2014.

بدوره قال محمد كايا، مدير فرع هئية الإغاثة الإنسانية التركية (ihh)، في قطاع غزة، إن "أسطول الحرية غَيّر مفاهيم العالم تجاه قطاع غزة".

أكمل لمراسلة الأناضول:" لم يكن العالم يعرف حقيقة ما يحدث في غزة، وما هي معاناة سكانه، لكن أحداث أسطول الحرية، جعل كل العالم يشاهد مباشرة القتل الإسرائيلي للمتضامنين السلميين، فانقلبت المعادلة وكُشفت حقيقة إسرائيل".

ويحيي الفلسطينيون في قطاع غزة كل عام الاعتداء الإسرائيلي على السفينة التركية، بإلقاء الزهور في البحر عرفانا وتقديرا للمتضامنين الأتراك الذين ضحوا بأرواحهم لأجل إيصال "صوت غزة إلى العالم".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!