مولاي الأمغاري - خاص ترك برس

إن التحالف الغادر بين الأسد ووحدات حماية الشعب (PYD) ومن ورائه حزب العمال الكردستاني الإرهابي (PKK)، وسعيهم في وقوع كامل المنطقة الشمالية بين تركيا وسورية تحت سيطرة (PYD)، تمهيدا لإقامة دويلة كردية، خطر حذرت تركيا من وقوعه، لأنه خرق لخطوطها الحمراء، فهددت تركيا  بالتدخل العسكري الحازم لمنع تنفيذ هذه المؤامرة التي تضر بالأمن القومي التركي والإقليمي.

ثم وقع المحظور وهو تفجير سوروج بتنفيذ منظمة داعش الإرهابية وبتواطئ محتمل مع حزب الشعوب الديمقراطي الذي هيأ ظروف تنفيذ هذه العملية الإرهابية، حسب ما كشف عنه محافظ قضاء سوروج "عبد الله جيفتجي"، قال: "تمّ الاتفاق مع منظمي المسيرة وهم من حزب الشعوب الديمقراطي على أن تجتمع المجموعة عند نقطة معينة من الحدود التركية السورية لإجراء التصريح الصحفي قبل العبور إلى بلدة كوباني السورية، إلّا أنّ مسؤولي حزب الشعوب الديمقراطي قاموا بتغيير هذا القرار دون إبلاغنا بذلك، كما أن الحزب طلب منا إبعاد عناصر الشرطة وقوى الأمن عن محيط المركز الثقافي "آمارا" الذي حصل فيه التفجير، وذلك بحجة عدم استفزاز المجموعة المجتمعة".

وما زاد الشكوك في تورط حزب الشعوب، غياب رئيس بلدية سوروج الذي ينتمي للحزب، وغياب قياديي الحزب ومسؤوليه عن المؤتمر الصحفي وهذا كله ليس صدفة، هذا الجزء الأول من مؤامرة سروج.

أما الجزء الآخر هو لعب دميرطاش رئيس الحزب وبعض أعضاء الحزب، على وتر مظلومية الأكراد  فنعت أردوغان بالقاتل وحكومة العدالة والتنمية بالمتعاونة مع داعش في قتل الشباب الأكراد، والأخطر من هذا دعوته الشعب الكردي للتسلح للدفاع عن نفسه بعلة أن الحكومة التركية تركت الأكراد فريسة سهلة للإرهاب، وصرح  عبد الله زيدان العضو في الحزب بأن: "حزب العمال الكردستاني حركة سلمية، لكنها تقدر على خنق تركيا بل ولها القوة على إفنائها"، بهذا ضحى حزب الشعوب الديمقراطي بمكاسبه في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ونسف مسار العملية السلمية التي بنتها تركيا مع الأكراد ما يقارب لثلاث سنوات، ذاق فيها الأكراد طعم السلام والأمن وثمار التنمية الاقتصادية في مناطقهم.

 تركيا ترى أن امتناعها عن محاربة داعش والدخول في التحالف الغربي العربي ضد داعش، ومنع النيتو وأمريكا من استخدام قواعدها العسكرية ضده، هدفه عدم التورط في المستنقع السوري ولحيادها العسكري في هذا الصراع لا دعما لداعش الإرهابية، هذا من جهة. ومن جهة أخرى أن وقوفها مع أكراد عين العرب كوباني وتسهيل مرور القوات الكردية لمحاربة داعش، وتحمل اللاجئين الأكراد إغاثيا و إنسانيا ،وتهيئ الظروف السياسية للأكراد  في دخولها هدنة مع حزب العمال الكردستاني ووقف العمليات العسكرية ضده، هذا سهل فوز حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات البرلمانية مما مكنه من دخول البرلمان كحزب كردي له رؤية سياسية وبرنامج بدل التشتت والإقصاء السياسي الذي عاشه سياسيو الأكراد طلية فترة حكم العسكر، كل هذه الحسنات التركية كان نتيجتها تآمر كردي داعشي تمثل في قتل الجنود ورجال الشرطة الأتراك، وتفجير سوروج والأخطر التحضير لدويلة كردية في شمال سوريا تزعزع استقرار تركيا ووحدتها الجغرافية.

لذا جاء الرد العسكري التركي قويا حازما فوجه سلاحه تجاه أطراف المؤامرة، حزب العمال الكردستاني الإرهابي في جبال قنديل، ومنظمة داعش الإرهابية في الشمال السوري، وشنت حملات اعتقال لمشتبه بهم تجاوز عددهم الآلف، وحذرت الحكومة التركية كل من وحدات الحماية الشعبية وحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا من خطأ يعبث بأمن تركيا واستقرارها، إذا أراد أن يكون له دور في سوريا الجديدة، وإلا سيعرض نفسه للضربات العسكرية التركية، والتي باستطاعتها تغيير موازين القوة بسوريا والعراق حسب ما صرح به أحمد داود أوغلو، والذي أكد أن تركيا لا تريد رؤية داعش على حدود الجمهورية التركية من الآن فصاعدا، وأنها ستقاتل منظمة حزب العمال الإرهابي حتى تخرج من أراضيها، وأن الحصانة سترفع عن كل من ثبت تورطه في الدفاع وتأييد الإرهاب والإرهابيين.

هذه العملية العسكرية ليست استدراجًا لتركيا للتدخل العسكري المباشر في الحرب الطاحنة في المنطقة، لأن تركيا أنضج سياسيًا وعسكريًا من أن تستدرج إلى صراع لا تعرف نهايته ونتائجه، ولكن تركيا كانت يقظة حذرة طيلة فترة الصراع، فانتظرت كل هذا الوقت للتدخل المباشر، وهي ترى المؤامرات تحاك وتنفذ على حدودها الجنوبية الشرقية من أجل إنشاء كيان كردي يهدد وحدتها، فشرعت في حشد وتعبئة قواتها على الحدود السورية، حفاظا على حدودها، واستعدادا للتدخل العسكري الفعلي في سوريا وإقامة منطقة آمنة من أجل الجيش السوري الحر والمعارضة السورية المعتدلة، ومن أجل اللاجئين الهاربين من بطش داعش ونظام الأسد ووحدات الحماية الشعبية الكردية، رغم المعارضة العلنية لحلف الناتو والولايات المتحدة من قبل.

وعندما تخَطّى الإرهاب أحد خطوط الحمر التركية، جاء الحزم العسكري بتأييد دولي واسع، ردت فيه تركيا على كل من كان يروج أنها تدعم الإرهاب في الخارج، وتساكنه في الداخل.

عن الكاتب

مولاي علي الأمغاري

باحث في قضايا العالم العربي والإسلامي ومتخصص في الحركات الإسلامية وقضايا الإرهاب، ومهتم بالشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!