الأناضول

رحّبت الخارجية التركية، بالقرار الذي اتخذته الدائرة الكبرى، في محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، لصالح زعيم حزب الوطن التركي دوغو برينجك، الذي جرت مقاضاته في سويسرا، بذريعة "إنكاره للإبادة العرقية" المزعومة بحق أرمن منطقة الأناضول.

وأشارت الخارجية أن قرار المحكمة يعد نهائيا، ويعني المصادقة على قرار الدائرة الثانية في المحكمة الأوروبية، الصادر عام 2013، في القضية، منوهة أن القرار يدين سويسرا، باعتبار أن الحكم بالسجن على برينجك، لانكاره للإبادة المزعومة، إنما يعد انتهاكا لحرية التعبير.

وأكد البيان أن قرار المحكمة الأوروبية يتماشى مع آراء الدولة التركية، بخصوص أحداث 1915 التي شهدتها منطقة الأناضول، أواخر الحكم العثماني.

ووصفت الخارجية، القرار بالتحذير القوي، المستند إلى مبادئ الديمقراطية والقانون، حيال المساعي الرامية لتكريس إدعاء "الإبادة العرقية"،  على أنه حقيقة وحيدة مطلقة، والمحاولات والخطوات  التي تهدف إلى حظر حتى مجرد طرح التساؤلات حول الادعاءات الأرمنية. 

ما الذي حدث في 1915؟

 تعاون القوميون الأرمن، مع القوات الروسية بغية إنشاء دولة أرمنية مستقلة في منطقة الأناضول، وحاربوا ضد الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى التي انطلقت عام 1914.

وعندما احتل الجيش الروسي، شرقي الأناضول، لقي دعمًا كبيرًا من المتطوعين الأرمن العثمانيين والروس، كما انشق بعض الأرمن الذين كانوا يخدمون في صفوف القوات العثمانية، وانضموا إلى الجيش الروسي.

وبينما كانت الوحدات العسكرية الأرمنية، تعطل طرق امدادات الجيش العثماني اللوجستية، وتعيق تقدمه، عمدت العصابات الأرمنية إلى ارتكاب مجازر ضد المدنيين في المناطق التي احتلوها، ومارست شتى أنواع الظلم بحق الأهالي.

وسعيا منها لوضع حد لتلك التطورات، حاولت الحكومة العثمانية، إقناع ممثلي الأرمن وقادة الرأي لديهم، إلا أنها لم تنجح في ذلك، ومع استمرار هجمات المتطرفين الأرمن، قررت الحكومة في 24 نيسان/ أبريل من عام 1915، إغلاق ما يعرف باللجان الثورية الأرمنية، واعتقال ونفي بعض الشخصيات الأرمنية البارزة. واتخذ الأرمن من ذلك التاريخ ذكرى لإحياء "الإبادة العرقية" المزعومة، في كل عام.

وفي ظل تواصل الاعتداءات الأرمنية رغم التدابير المتخذة، قررت السلطات العثمانية، في 27 مايو/ آيار، من عام 1915، تهجير الأرمن القاطنين في مناطق الحرب، والمتواطئين مع جيش الاحتلال الروسي، ونقلهم إلى مناطق أخرى داخل أراضي الدولة العثمانية.

ومع أن الحكومة العثمانية، خططت لتوفير الاحتياجات الانسانية للمهجّرين، إلا أن عددًا كبيرًا من الأرمن فقد حياته خلال رحلة التهجير بسبب ظروف الحرب، والقتال الداخلي، والمجموعات المحلية الساعية للانتقام، وقطاع الطرق، والجوع، والأوبئة.

وتؤكد الوثائق التاريخية، عدم  تعمد الحكومة وقوع تلك الأحداث المأساوية، بل على العكس، لجأت إلى معاقبة المتورطين في انتهاكات ضد الأرمن أثناء تهجيرهم، وجرى إعدام المدانين بالضلوع في تلك المأساة الإنسانية، رغم عدم وضع الحرب أوزارها.

وعقب انسحاب روسيا من الحرب جراء الثورة البلشفية عام 1917 تركت المنطقة للعصابات الأرمنية، التي حصلت على الأسلحة والعتاد الذي خلفه الجيش الروسي وراءه، واستخدمتها في احتلال العديد من التجمعات السكنية العثمانية.

ويفضل الجانب الأرمني التركيز على معاناة الأرمن فقط في تلك الفترة، وتحريف الأحداث التاريخية بطرق مختلفة، ليبدو كما لو أن الأتراك قد ارتكبوا إبادة جماعية ضد الأرمن.

وفي المقابل دعت تركيا مرارًا إلى تشكيل لجنة من المؤرخين الأتراك والأرمن، لتقوم بدراسة الأرشيف المتعلق بأحداث 1915، الموجود لدى تركيا وأرمينيا والدول الأخرى ذات العلاقة بالأحداث، لتعرض نتائجها بشكل حيادي على الرأي العام العالمي، أو إلى أي مرجع معترف به من قبل الطرفين، إلا أن الاقتراح قوبل برفض من أرمينيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!