خاص ترك برس

ازداد الاهتمام التركي بالقارة الأفريقية، ولا سيّما بعيد مجيء حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكم، ومؤخرا قام الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" بزيارة إلى دول أفريقية عدّة وهي: "مدغشقر، وتنزانيا وموزمبيق" وذلك برفقة وزير الخارجية التركي "مولود جاويش أوغلو" ووزير الاقتصاد "نهاد زيبكجي" ووزير الطاقة والموارد الطبيعية "بيرات البيرق".

وخلال الجولة الأفريقية للرئيس التركي، وقّغت الحكومة عددا من الاتفاقيات مع كلّ من الدول الثلاثة المذكورة.

فكيف بدأت العلاقات التركية الأفريقية بالتطور، وهل تطور العلاقات التركية الأفريقية كان مرهونا بالتقارب على مستوى الحكومات فقط، أم أن منظمات أخرى أسهمت في تعزيز التقارب بين الجانبين؟

العلاقات التركية الأفريقية شهدت تطورا وتقدّما كبيرا في المجالات: "التجارية والسياسية والثقافية والإنسانية"، وذلك منذ أن أعلنت الحكومة التركية بأنّ عام 2005 هوعام أفريقيا.

وبالإضافة إلى المجالات السابقة فإن الاتصالات التركية في أفريقيا شهدت تسارعا كبيرا، حتى إن المرء يخال أن أفريقيا التي أهملتها تركيا حتى تسعينات القرن الماضي تُكتشف لأول مرة من الجانب التركي.

وصلت عدد السفارات التي افتتحتها تركيا في القارة الأفريقية إلى 43 سفارة، وكما قامت وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" بافتتاح مكاتب لها في كل من أثيوبيا والسنغال وتونس وغيرهم من الدول الأفريقية الأخرى.

وفي الوقت نفسه عدد الرحلات الجوية إلى القارة الأفريقية والمسافرين شهد زيادة أيضا، فبينما كانت تركيا تقوم برحلات جوية إلى 10 مناطق فقط، وصل عدد هذه المناطق إلى 47.

أمّا حجم التبادل التجاري بين الجانبين فقد وصل إلى 25 مليار دولار.

الحكومة التركية و منظمات المجتمع المدني

أدّت الحكومة التركية دورا أساسيا في تطوير العلاقات الثنائية، ولكن بالإضافة إلى الدور الذ أدّته الحكومة فإن منظمات المجتمع المدني غير الحكومية أدت دورا رئيسا أيضا في تطوير هذه العلاقات التركية الأفريقية..

بدأت التنمية الدولية والمساعدات الإنسانية في الدول الأفريقية خلال مراحل استقلالها، وإلى الآن ما تزال هذه التنميات مرتبطة بحجم الاستقلال الذي تحققه دولة أفريقية ما.

وما أدى بالدول الأفريقية إلى طلب المساعدات من الخارج هو الشعور بضرورة التنمية، بالإضافة إلى الأزمات الساسية التي تزامنت مع الأزمات الإنسانية.

فالمساعدات الإنسانية في العديد من الدول الأفريقية هدفت إلى التخفيف من الأزمات الإنسانية، والحكومات أدّت دورا كبيرا في حل هذه الأزمات، وما ميّز المنظمات غير المدنية أنّها استطاعت الوصول إلى المناطق التي لم تتمكن الحكومات من الوصول إليها، ، وتمكنت من مد يد العون لأهلها.

إن فعاليات المنظمات غير الحكومية في أفريقيا زادت وتطورت مع تطور العلاقات الثنائية بين تركيا وأفريقيا. وإلى جانب هذا الميزانية المخصصة للمشاريع التنموية في أفريقيا شهدت زيادة مع زيادة المنظمات التركية هناك، ويعود سبب هذه الزيادة إلى التمويل الذي قامت به وكالة التعاون والتنسيق "تيكا"، وكذلك يعود إلى النمو الاقتصادي الذي حققته تركيا في السنوات الأخيرة.

إعلان المبادرة الأفريقية والانفتاح عليها أُطلق عام 1998، ولكن لم يتم تحقيق خطوات جادة في هذا المجال إلا بعد عام 2002، وبشكل خاص في عام 2005 عندما أعلنت الحكومة التركية بأنه عام أفريقيا.

افتتاح سفارات للحكومة التركية في أفريقيا، وتنمية التعاون الاقتصادي بين الجانبين، وزيادة الاتفاقيات الموقعة على كافة  الأصعدة، أسهمت في زيادة مشاريع التنمية والتعاون من قبل المنظمات غير الحكومية.

حظيت هذه المنظمات التركية بثقة الجانب الأفريقي، ولا سيّما بعد أن وضعت هذه المنظمات ضمن أولوياتها معالجة المشاكل المزمنة التي تعاني منها الدول الأفريقية ولا سيما في المجالين الأكثر أهمية وهما "الصحة والتعليم"، الأمر الذي أدى إلى بناء جسور الأخوة بين تركيا وأفريقيا.

جمعيات ومنظمات تركية مختلفة قامت بمشاريع متنوعة في أفريقيا، ومن هذه المنظمات والجمعيات "أطباء يريوزو"، جمعية "جان سويو"، منظمة "إي ها ها"، وقف علي محمود هداي، جمعية "بشير"، جمعية "دنيز فاناري"، جمعية "ياردم إيلي"، جمعية "دوست إيلي"، جمعية "دوست إيلّيري"، كلها منظمات عملت على مشاريع متنوعة ومتعددة في أفريقيا.

وفي هذا الإطار قال "علي إينغين" السفير التركي السابق لدى "كينيا والسودان": إن المنظمات غير الحكومية دعمت فكرة الحكومة في المبادرة الأفريقية والانفتاح عليها، وأصبحت هذه المنظمات تقدّر من قبل الشعوب الأفريقية".

وبالنظر إلى التقارير الخاصة بالمساعدات التي قدمتها المنظمات غير الحكومية التركية في أفريقيا لعام 2013 نجد بأنها تصل إلى 93 مليون دولار، ونجد أن الدول التي أعطيت لها الأولوية في تقديم المساعدات هي "النيجير"، "مالي"، "تشاد"، "الصومال"،.

وبحسب البيان الذي نشرته هيئة الإغاثة الإنسانية التركية، فإن الهيئة قامت من خلال جمع التبرعات، بتنفيذ 4 آلاف عملية "عتامة العين" في أثيوبيا، وألف عملية في السودان، و600 عملية في بنين، و500 في أوغندا، خلال العام الماضي، ولفت البيان إلى أن الهيئة قامت خلال 2014 بإجراء ألفين و865 عملية "عتامة العين" ومعاينة لـ22 ألف و750 شخصا في نيجيريا.

وقد بلغت تكلفة مشاريع التعاون الاقتصادي ما يزيد عن 122 مليون دولار، فيما تم تخصيص ما يزيد عن 150 مليون دولار للأعمال الإنسانية العاجلة، و7 مليون دولار للأمور الإدارية.

وإعطاء الأولوية في تقديم المساعدات لتشاد ومالي ونيجير والصومال يعود إلى تفاوت درجات الحاجة بين الدول الأفريقية، إذ تعد شعوب البلدان هذه بأمس الحاجة إلى هذه المساعدات.

استطاعت المنظمات التركية أن تسد الحاجة الغذائية خلال الأزمة التي عاشتها الصومال عام 2011. كما أن زيارة رئيس مجلس الوزراء آنذاك " رجب طيب أردوغان" إلى الصومال بعد انتهاء الحرب الأهلية كان مشجعا للقيام بأعمال إنسانية فيها".".

إن المدارس والمستشفيات والدول الخاصة بالأيتام والتي بُنيت بشكل مباشر من قبل المنظمات غير الحكومية في الصومال، أسهمت بشكل كبير في تغيير الوضعين الثقافي والاجتماعي.

والعلاقات الودية التي رسمتها تركيا حيال الصومال أدت إلى تطوير العلاقات التركية الأفريقية. ولأول مرة في التاريخ توحدت الجهود الرسمية وغير السمية، وتضافرت فيما بينها من أجل إمداد المساعدات الإنسانية إلى الصومال.

إن المشاريع التي تم الاتفاق عليها بين الجانبين أكسبت تركيا أهمية كبيرة، والمشاريع التي تم الاتفاق عليها كانت تسير بالتنسيق مع العاصمة التركية "أنقرة". والحملة التي بدأتها تركيا عام 2011 من اجل الصومال لاقت ترحيبا وتقديرا من الدول الأفريقية ودول العالم أجمع.

بعد تجربة الصومال استطاعت تركيا أن تبني مع أفريقيا جسرا من العلاقات الإنسانية الجديدة، إن هذا التقارب يسلط الضوء من جهة على الممارسات التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني في الصعيدين التعليمي والصحي، ومن جهة أخرى العلاقات الدبلوماسية والتجارية وتطوراتها مع أفريقيا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!