كورتولوش تاييز – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

بدأت الأحزاب السياسية بالإعلان عن برامجها الانتخابية، مع اقتراب انتخابات 7 حزيران، وجاء الدور يوم أمس على حزب الشعوب الديمقراطي، ليخرج رئيس الحزب صلاح الدين دمرطاش أمام الكاميرات ويقول "تمنوا ما تريدون منا"، وحينها شبهته بالجن الذي يخرج من مصباح علاء الدين السحري.

ظهر متبسما وفرحا، لكنه ظهر أيضا بوجه ماكر، وعلى ما يبدو لم يبق شيء لم يفكر فيه حزب الشعوب الديمقراطي، فقد خاطبوا الشباب والنساء والأطفال والشيوخ والعمال والمتقاعدين والشاذين والمتحولين جنسيا والمحامين والقرويين والطلبة والعسكر وسارقي الكهرباء والاشجار والقطط والكلاب وحتى العصافير.

وجهوا خطابهم للناخبين قائلين لهم "اطلبوا منا أمنياتكم ودعو التنفيذ علينا"، ولم يكن المهم فعليا هو ما يطلبه ويتمناه الناخب من الجن الذي سيخرج من المصباح السحري، بقدر ما كان المهم هو الأمنية التي يسعى لها حزب الشعوب الديمقراطي ورئيسه، ولقد قالوا بكل وضوح وعبروا عن أهدافهم بقولهم "سنوقف السلطان"، هدفهم هو إيقاف رئيس الجمهورية ادروغان وحكومة العدالة والتنمية.

هذا هو الهدف الحقيقي الذي يسعى الجني إلى تحقيقه، رغم كل الهدايا والحملات والكلام المزخرف الذي خرج به البرنامج الانتخابي، هدفهم هو قطع الطريق على تركيا التي تحاول الخروج من يد الاستعمار والوصاية، هدفهم هو الحيلولة دون خروج تركيا من تحت سيطرة القوى العالمية، هدفهم منع الدولة التركية من الوقوف على قدميها، بعد مئة عام من الخنوع.

­­***

كانت تركيا القديمة مربوطة برباط الخنوع والتبعية، لذلك تسعى مراكز القوى العالمية إلى إيقاف تركيا عن نزع هذا الثوب وقطع هذا الرباط، باستخدام أذرعها في تركيا حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي، وهذا التلاقي بين كيليتشدار أوغلو وبين صلاح الدين دمرطاش بالمظهر والشكل والحملة، من خلال ابتسامة صفراء، وحملات وهدايا في البرامج الانتخابية، يسعون من خلالها إلى تحقيق ما فشلوا في تحقيقه أثناء أحداث غزي بارك ومحاولة الانقلاب، لكن هذه المرة عن طريق صناديق الاقتراع.

في الحقيقة يُعتبر كليشتدار أوغلو وصلاح الدين دمرطاش، بمثابة الجن الذي خرج من المصباح السحري للتنظيم الموازي، أما كيليتشدار أوغلو فقد أوكلت له مهمة التنصت وإصدار تسجيلات مسربة، بينما وضعوا دمرطاش على رأس الحراك السياسي الكردي، وكان التحكم يتم بالاثنين عن طريق التنظيم الموازي.

ربما يعترض البعض على هذا الحديث، ليقول أنّ التنافس بين الأحزاب هو من بديهيات أي انتخابات تجري، وهذا اعتراض منطقي بلا شك، لكن الجملة المنطقية لا تكفي دون النظر إلى ما تخفيه خلفها، فلا يوجد أي حزب قادر على منافسة حقيقية لحزب العدالة والتنمية خلال الانتخابات المقبلة، وإنما يتم الآن التحكم بأحزاب المعارضة من قوى خارجية، من أجل الحيلولة دون إعادة تصميم شكل تركيا من جديد، فجميعنا يلاحظ أنّ حراك القوميين واليساريين والأكراد لا يتم من أجل تحقيق مصالحهم وطموحاتهم، وإنما يبذلون كل جهدهم من أجل تحقيق أهداف مراكز الوصاية، فالمهمة الملقاة على عاتق حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي تتعارض وتتنافى مع مصالحهم وأهدافهم، فهي ليست مرتبطة بمصالح الشعب التركي ولا حتى بمصالح الحزبين نفسيهما.

***

أصبح القوميون والكماليون واليسار والأكراد تحت سيطرة القوى الخارجية في هذه الأيام، لكن الخارج لا يستطيع التحكم في حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية، لأنه صاحب قوة اجتماعية وتاريخ صلب، وهم يتوقعون أنّ إيقافهم لاردوغان سيمهد مجددا لإعادة سيطرتهم على آراء الناس والمجتمع لتغيير القوة الشعبية الجارفة التي يحظى بها اردوغان وحزبه.

حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديمقراطي، ربما تكون الأسماء مختلفة، والهوية مختلفة، لكن هدفهم وبرنامجهم واحد، ولا تعدو الاختلافات في برنامجهم الانتخابي سوى اختلاف تجميلية فقط، لأنهما يملكان نفس الهدف ونفس البرنامج، وهو إيقاف اردوغان، والانقلاب عليه، ثم محاسبته، ومنع انتقال تركيا إلى عهد جديد.

عن الكاتب

كورتولوش تاييز

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس