دوغو إرجيل - صحيفة بوغون* - ترجمة وتحرير ترك برس

يقال إن الكثيرين يتبنون النجاح، لكن الفشل يظل دائما يتيما.

عندما فشل كل من حزبي الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية في تحقيق مبتغاهما في الانتخابات الرئاسية التي جرت في العاشر من هذا الشهر، بدأت الأوراق تختلط داخل كيان الحزبين. لا سيما أن هذين الحزبين فقدا خمسة ملايين من الأصوات بالنظر إلى مجموع الأصوات التي كانوا قد حصلوا عليها في انتخابات الإدارة المحلية التي جرت في 30 آذار/ مارس الماضي. ولهذا السبب فإنّ حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية يعيدان النظر في ترتيب أوراقهما.

لو نظرنا إلى حزب الحركة القومية، لوجدنا أن المحاسبات الداخلية تجري داخل الحزب بشكل سري دون تسريب شيء إلى الخارج، وذلك بفضل تجانس الحزب أيديولوجيا وانضباط تشكيلاته وحرصهم المطلق على عدم إفشاء ما يجري داخل الحزب إلى الرأي العام. أما حزب الشعب الجمهوري، فيتكون من عدة أيديولوجيات متناقضة. فعندما يفشل الحزب في أي استحقاق انتخابي، سرعان ما يطالبون بتنحي رئيس الحزب، ولا يفكرون في تغيير سياسة الحزب التي كانت وما زالت سببا لفشل الحزب في الاستحقاقات الانتخابية.

في هذه الأيام نرى ثلاثة فئات تحاول السيطرة على زمام الأمور داخل حزب الشعب الجمهوري.الفئة الأولى ترى أن سبب فقدان الحزب لأصوات الناخبين وفوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية من الجولة الأولى هو عدم استشارة قيادات الحزب للقاعدة الشعبية. وهذه الفئة هي فئة المعارضين. إنهم لا يمتلكون برنامجا إصلاحيا فعالا، بل ينادون فقط بوجوب تغيير رئيس الحزب.

الفئة الثانية، تقول بأن ترشيح أكمل الدين إحسان أوغلو لرئاسة الجمهورية كان خاطئا. وتدعي أن ترشيح الحزب لهذا المرشح كان سببا في تضارب رؤية الحزب وفلسفته مع النسيج المكون للحزب. هؤلاء هم القوميون، وهم ينادون بتغيير القيادة الموجودة حاليا والعودة بالحزب إلى سابق عهده أيام الأربعينيات. هؤلاء القوميون على الرغم من قلة عددهم، فإنهم يعتبرون أنفسهم الورثة الحقيقيين للحزب، ويعتقدون أن استلامهم لقيادة الحزب سيمكن الحزب من الظفر بالحكم.

هؤلاء القوميون لا يريدون أن تتماشى مبادئ وقوانين الحزب مع متطلبات المجتمع، بل على العكس تماما، يريدون أن يخلقوا مجتمعا يتماشى مع أفكار وتطلعات الحزب. فهم يريدون أن يجعلوا المجتمع موحدا في أيديولوجيته وأفكاره. يريدون مجتمعا مواليا لسلطة الدولة المطلقة. فهم يعتبرون ذلك بمثابة الثورة. لكن هذا التفكير ما هو إلا نوع من أنواع الدكتاتورية ولا تمت للديمقراطية بأي صلة. كما أن هذه الوجهة سبب للعديد من المشاكل السياسية التي تعاني منها تركيا اليوم.

اما الفئة الثالثة، فهم الديمقراطيون الاجتماعيون. فهؤلاء يرون أن الفكر اليساري والثوري قد شوّه من قبل القوميين. هؤلاء يقولون إن على حزب الشعب الجمهوري أن يتبنى أسلوب صلاح الدين دميرطاش في الحملات الانتخابية، ويريدون أن يعود الحزب إلى مبادئ اليسارية. كما يريدون أن يدخل الحزب الانتخابات القادمة بطاقم من اليساريين وبخطابات ديمقراطية واجتماعية.

من أهداف هذه الفئة التي تسمي نفسها بالمجددين.

 - تقديم الانتماء الوطني للانتماءات العرقية.

 - عدم التحيز لأي معتقد ديني.

- عدم التنازل عن الحقوق والحريات الأساسية.

- تحقيق مبدأ فصل السلطات.

- تقاسم السلطة والنفوذ بين السلطة المركزية والإدارات المحلية.

- الاهتمام بالبيئة والمحافظة على حقوق الأقليات.

- هذه الفئة ترى أن الفئتين الأولى والثانية تعيق مسار التغيير والتحديث. وأن الفئتين الأولى والثانية فيهما نوع من الانكماشية والانغلاق على نفسيهما.

ويقف رئيس الحزب الحالي كمال كلتشدار أوغلو بصف الذين يتبنون هذا النهج. فهو يؤكد على ضرورة إيجاد رؤية جديدة للحزب بدل الاعتماد على ميراثه. ولهذا يقول كلتشدار أوغلو إن على الحزب أن يفهم المجتمع وأن يستغني عن الوعود البالية التي لا تتماشى مع متطلبات هذا العصر. وعند دمج هذا البرنامج السياسي مع نظام اقتصادي فعال، حينها يمكن لحزب الشعب الجمهوري أن يكون منافسا على السلطة.


* صحيفة بوغون معارضة لحزب العدالة والتنمية الحاكم ومؤيدة لجماعة فتح الله غولن

عن الكاتب

دوغو إرجيل

كاتب في صحيفة بوغون


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس