برهان الدين دوران –صحيفة صباح­­- ترجمة وتحرير ترك برس

استهدف تنظيم بي كي كي هذه المرّة منطقة "بشيك تاش"، وذلك في إطار استراتيجية ضرب المدن الكبرى، وذلك ضمن مساع لضرب وحدة وتماسك تركيا.

قضى العمل الإرهابي على حياة 44 مواطنا تركيا ما بين عناصر الشرطة ومدنيين، فالصبر والسلوان لنا ولعوائل الشهداء أجمع.

الشكر لله أن الشعب تحرّك بالشكل الصحيح ضد الإرهاب، إذ لم يستسلم لليأس، وتحرّك واستنكر الأعمال الإرهابية وهو على دراية تامة بالأهداف الإرهابية، إذ أثبت أنه لن يمل ولن ينحني أمام الإرهاب، وأنه سيواجهه الإرهاب إلى النهاية، وأظهر للعالم أجمع بأنه جاهز للاستنفار التام في سبيل الدفاع عن بلاده ضد الإرهاب، فقد أثبت الشعب التركي من خلال التظاهرات التي قام بها في الشوارع، والمشاركات التي تم تبادلها على صفحات التواصل الاجتماعي، ومن خلال تلاوات القرآن الكريم في المساجد بأنه على وعي كبير بالسياسة.

إن ما قام به الشعب التركي بعيد التفجير الإرهابي الذي وقع في إسطنبول كان صدى لروح الديمقراطية التي أظهرها الشعب بعيد محاولة الانقلاب في 15 تموز / يوليو، كان ذلك مظهرا من مظاهر عدم التقبّل بتحول تركيا إلى نموذجي سوريا ومصر

توالت من العالم ودول أوروبا الاستنكارات والإدانات للعمل الإرهابي، وكذلك توالت الرسائل المتضامنة مع تركيا، ولكن رسائل التضامن التي وردت، والإدانات والاستنكارات لم تكن كفيلة لإلغاء القناعة التي تولّدت لدى الشعب التركي، والتي تتمحور بأن الغرب في مواجة مباشرة مع تركيا.

وهناك بعض المحللين الذين يذهبون بالأمر إلى أبعد من ذلك، إذ تتمحور تقييمات ورؤى المحللين الأخيرة حول أن أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تحاول تطويق تركيا،  وهناك آراء تفيد بأن الغرب يسعى من خلال تنظيمي الكيان الموازي وبي كي كي الإرهابيين إلى شن حرب بالوكالة على تركيا،

إن الرأي العام في تركيا بات متفقا على أن الغرب لا يدعم النضال الذي تقوده تركيا ضد الإرهاب، بالإضافة إلى أنه لا يتوانى عن استخدام التنظيمات الإرهابية كأداة لوضع تركيا تحت أمر الواقع، وهذا الرأي يكتسب قوّة من خلال آلاف الأجانب الذين يأتون من دول الغرب للقتال في صفوف تنظيم بي كي كي وحزب الاتحاد الديمقراطي.

إن المساواة بين الرجل والمرأة من قبل قاتلي الأبرياء والمدنيين من تنظيم بي كي كي تُقابل بابتهاج من قبل الإعلام الغربي، وكذلك التفجيرات الإرهابية التي يقوم بها التنيظم توصف بأنها إنجاز ونجاح، وهنا تتوارد إلى الأذهن الأسئلة التالية: لِمَ دول الغرب متسامحة مع تنظيم بي كي كي، وداعمة له؟ هل لأن بي كي كي يتبع سياسة عنصرية وعلمانية يا تُرى؟ فلماذا يُنظر إلى الإرهاب الذي يضرب أوروبا بأنه إرهاب إسلامي سيء، فيما يُنظر إلى الإرهاب الذي يضرب تركيا بأنه إرهاب علماني، وبالتالي يُغضّ الطرف عن ممارساته؟

أيا كانت الإجابات عن هذه الأسئلة، فإن الرأي العام في تركيا تجاه الغرب يتجه نحو السلبي.

أدركنا مؤخرا أن النظام العالمي الذي يقوده الغرب غير معني فيما يخص حقوق الإنسان بالنسبة إلى ما تعيشه دول الربيع العربي من مشاكل، وما تعيشه سوريا من حرب داخلية، وجدنا أن الغرب لا يرى المسلمين جديرين بالديمقراطية وحقوق الإنسان.

وتم التوصل إلى حقيقة مفادها بأن القيم والمبادئ العالمية التي يتحدث عنها الغرب فيما يخص اللاجئين، والمغتربين خاصة بالغربيين أنفسهم فقط، ولا علاقة لها بمواطني الدول الأخرى غير الغربية.

والآن هناك قناعة بأن القيم الغربية الحازمة فيما يخص الإرهاب، خاصة بما يتوافق مع مصالح الغرب فقط، ولا علاقة لها بما تعانيه الدول الحليفة للغرب مع الإرهاب.

إن هذه المشكلة لا تعني تركيا فقط، والرسالة التي وجهها الغرب الذي ترك تركيا وحيدة في مواجهتها للإرهاب، هي: لا يمكن الاتفاق على المبادئ حتى في إطار المصالح، سلوكي تجاهك سيكون مختلفا عن سلوكي تجاه نفسي..

أظن أن القيم التي يدافع عنها الغرب الذي لم يقدّم الدعم لتركيا في مواجهتها للإرهاب قد أفلست، والسلام

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس