حليمة غوكتشه - صحيفة ستار- ترجمة وتحرير ترك برس

حققت القمة الثلاثية المنعقدة منذ أيام لرؤساء خارجية روسيا وتركيا وإيران خطوات ملموسة سياسية لإنهاء الصراع في سورية، بعدما أنهكت هذه الحرب الجميع، فروسيا التي أنعشت نظام الأسد وأعادت له الحياة من جديد وذلك بعد عام 2015 قد أنهكت و ينطبق الكلام نفسه على إيران التي حاربت بشراسة من أجل إكمال مشروع الهلال الشيعي في سورية.

يمكننا القول بأن تركيا هي الدولة الوحيدة التي عانت كثيرا من ويلات الحرب في سورية والعراق.

ونستنتج أن القرارات المتخذة في اجتماع وزراء الخارجية الثلاثة تؤكد على أن استمرار أزمة الحرب الإنسانية والسياسية قد فاقت الحدود و أنهكت كل الأطراف، والجدير بالذكر أن هذه القرارات لا تختلف كثيرا عن نقاط اتفاق الرئيسين أردوغان وبوتين خلال محادثاتهما التي جرت في موسكو وذلك قبل حادثة إسقاط الطائرة الروسية.

ويمكننا استعراض أوجه التطابق بين أردوغان وبوتين سابقا بشكل ملخص:

"ضمان إجلاء المدنيين والسماح لهم بالتنقل في عموم سورية، و التعهد بعدم خرق الهدنة، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، ومحاربة داعش وجبهة النصرة، وفصلهم عن باقي المجموعات المسلحة ، فرض سيادة الدولة السورية على جميع الأطياف الدينية والعرقية دون تفريق واحترام وحدة واستقلال الأراضي السورية".

كما نلاحظ غياب أمريكا عن طاولة الحوار السياسي وهذا يعني غياب الضامن لكانتونات تنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي، أما بالنسبة للمعارضة السورية المسلحة فهي المخاطب حاليا لأنها تدعو إلى وحدة وإستقلال سورية، ويشير عدم الحضور الأمريكي في الاجتماع الذي سيعقد في الأستانة في كازاخستان من أجل إنهاء الأزمة السورية على تهميش وإقصاء الدور الأمريكي تماما.

وعلى الرغم أن التقارب التركي-الروسي يزداد بقوة فإنه يوجد من يرى بأن تركيا و أمريكا متقاربتان أكثر بخصوص القضية السورية، وهناك إدعاءات تشير إلى أن مقتل السفير الروسي قد صب في مصلحة روسيا بشدة، لكن ترى تركيا بأن أمريكا لم تدعمها في مواجهة تنظيمي حزب العمال الكردستاني وغولن بل حاربتها بهما، علاوة على أن سياسة أمريكا في سوريا مرتبطة ارتباطا وثيقا بحزب البي كي كي، بل وإنها ساهمت في تحويل عصيان الشارع السوري إلى حرب أهلية بنسبة مئة في المئة.

سوف يحزنون إن كان القاتل من تنظيم غولن:

حتى وبعد التأكد من أن قاتل السفير ينتسب إلى جماعة غولن، فقد لاحظنا ومنذ يومين أن بعض الأطراف الإعلامية المرتبطة بتنظيم غولن تتمنى زعزعة العلاقات الروسية التركية بنشر بعض المواد الاستفزازية التحريضية حول هذا الحادث، كصحيفة " بيرغون " المقربة من تنظيم حزب العمال الكردستاني فقد نشرت عنوانا: "كيف أصبح الطفل ذو الثماني سنوات جهاديا بعد مضي 14 عاما؟ " بإشارة إلى أن حزب العدالة والتنمية قد أنشئ القاتل خلال فترة حكم ال 14 سنة".

بعد خبر صحيفة "بيرغون" مباشرة بدأ المرتبطون بتنظيم غولن بالتحريض والاستفزاز، فهم يقولون : "سيغضب حزب العدالة والتنمية إن تبين أن القاتل من جبهة النصرة"،  "بالتأكيد إنه درس في مدارس الإمام خطيب ، التي تختار تركيا شرطتها من هذه المدارس".

بات كل شيء مكشوفا واتضح أن هذا الاغتيال هو عبارة عن مؤامرة، لكن الملفت للنظر أن الذين يقفون خلف هذه المؤامرة يروجون لفكرة أن حزب العدالة والتنمية هو الذي ينشئ الجهاديين من الصغر.

فالمشهد هو ذاته والأطراف ذاتها وحتى الأعداء ذاتهم، أي أن حلف تنظيم غولن- بي كي كي- جي هي بي يشكل من جديد.

عن الكاتب

حليمة غوكتشة

كاتبة في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس