نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

اعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تداعيات ما يحدث في سوريا على تركيا مسألة "وجود". وهذا التوصيف هام من جهة فهم مستوى المسألة بالنسبة لتركيا ومدى الجدية التي توليها إليها.

بطبيعة الحال، بدأت عملية غصن الزيتون تغير المعادلة في سوريا، وتتمخض عن نتائج سياسية جديدة. تبدي البلدان والمجموعات والأفراد ردود أفعال مختلفة على العملية.

رد الفعل الأكثر جذبًا للانتباه هو الموقف الأمريكي. البيانات الصادرة بعد الاتصال الهاتفي بين أردوغان وترامب بلورت أفكار وتطلعات الطرفين. ولهذا تشكل مرجعًا جيدًّا من أجل فهم ما يدور/ سيدور من أحداث.

بالنظر إلى بيانات وتصريحات الطرفين يمكننا القول إن الولايات المتحدة عندما تبدأ الحديث عن سوريا تضع في اعتبارها روسيا وإيران وتركيا و"الإرهاب الجهادي".

ومن الممكن رؤية أهداف واشنطن، عبر قراءة ما بين السطور والتوجه العام، وهي تقييد تحركات روسيا في سوريا، وإجبار إيران على الإنزواء، وتغيير النظام فيها إن أمكن، والقضاء على "الإرهاب الجهادي"، وخلق جو يطلق تغييرات سياسية في تركيا.

كما أن الولايات المتحدة تولي أهمية إلى "حليفها" الميداني حزب الاتحاد الديمقراطي، ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا. وتؤكد أنها تمنحه دورًا رئيسيًّا في استراتيجيتها العامة.

وعلى الرغم من أن الأهداف تبدو طموحة جدًّا إلا أنها تستحق التجربة بالنسبة للإدارة الأمريكية. وبالنتيجة، حتى وإن فشلت فالأمر بالنسبة لها سيان. فهي تنسحب مخلفة وراءها الأنقاض، بينما تدفع شعوب المنطقة وحكوماتها الثمن.

وفي هذه المرحلة قد ترد مقترحات أمريكية غريبة وتكتيكية قد تبدو متناقضة مع الاستراتيجية العامة، إلا أن طابعها  "الخبث". على سبيل المثال، تحدث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن مقترح لنظيره الأمريكي ريكس تيلرسون حول إمكانية إقامة منطقة آمنة بعرض 30 كم على طول الحدود التركية السورية، يمكن أن تزيل مخاوف تركيا الأمنية. وبذلك لن يستطيع حزب الاتحاد الديمقراطي إطلاق الصواريخ من سوريا على تركيا.

هذا مثال جيد من أجل إظهار طريقة فهم الولايات المتحدة للمسألة، ومدى "خبث" سياساتها، وقدرتها على الفصل بين ما هو تكتيكي وما هو استراتيجي.

في حال تطبيق المقترح ستكون تركيا بمأمن من الصورايخ، وسيقتصر أمنها على تحاشي الهجمات. في حين ستواصل الولايات المتحدة وحزب الاتحاد الديمقراطي طريقهما من أجل تحقيق أهدافهما الاستراتيجية.

أما تركيا فستسعد بالتخلص من الصواريخ حاليًّـا، وستتفرج على نمو وتوسع حزب الاتحاد الديمقراطي. فالولايات المتحدة خصصت، العام الحالي فقط، 875 مليون دولار لهذه المنطقة دون حساب المساعدات العسكرية. أما ما يقدمه الاتحاد الأوروبي وغيره خلسة فلا نعرف مقداره.

عند النظر إلى ما يدور من أحدث، يمكننا القول إننا سوف نشهد ونتعرض للكثير من الحملات والاقتراحات السياسية والعملياتية والتكتيكية في الملف السوري.

عن الكاتب

نهاد علي أوزجان

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس