أمين بازارجي - صحيفة أكشام

لقد عايشت الكثير من الإنتخابات والأحداث السياسية من مختلف الأشكال والألوان حتى عَرَكتني وأصبحت جزء مني، لكن لم أرى في حياتي مثل الذي نُعايشه اليوم.

في السابق كان كل شخص يعرف دوره وحُدوده جيدا ضمن المسار العام؛ لانه يوجد أمورمُتفِق عليها الكل. فالسياسة والإعلام تُوَجّه وتُحَرّك ضمن خُطط موضوعة سابقا.

أما اليوم فنحن نعيش أكبر أشكال الفوضى، فلا يُعرف لإي أحد قيمة ثابة، وإنما تتغير وتتلوّن حسب المصالح والتوجهات البرغماتية، فترى أعداء الأمس أصدقاء اليوم،ثم يعودوا في الغد أعداء دون ثبات في المواقف والقيم والمبادئ. ويُعزى ذلك لعدم وجود إطار عام يُنظّم الكل.

في الأيام الأخيرة أصبحنى نسمع بعض الأصوات النشاز في الأعلام تُهدد معاني الحرية بِدعمها للديكتاتوريين والإنقلابيين. أهم هذه الأصوات صحيفة الحُمق والغطرسة "صحيفة حُرييت"، والتي أطلت علينا بتصريح يُناقض كل معاني اسمها عندما أظهرت عصى البلطجة للرئيس أردوغان في تأييدها لحُكم الأعدام بحق مرسي، وقارنت نسبة إنتصار مرسي ب52% وهي ذات النسبة التي أنتخب بها الرئيس أردوغان.

لم يكن لصحيفة حُرييت أن ترقص وحدها في الميدان عندما يُشعل الموسيقار حفل المُجون والطّرب، فقد ظهرت صحيفة بُستا كمعارض لأردوغان، وحذا حذوها مجموعتها التلفزيونية.

ظهر حزب الشُعوب الديمقراطية كالحبة على المقلاة يُنطنط ويُفطفط ومن حوله ينْظُمْ له الأهازيج مُعبّدين طريقهم بالوهم والأباطيل ليُحققوا شيء مما يطمحوا له في الإنتخابات القادمة. فالمُطبلين كُثر ومن أبرزهم، صلاح الدين ديميرتاش مع إمبراطوريته، ومحرره العام في الصحيفة جان غوندار الذي يُصر بإستمرار على أن يتدخل في كُل التفاصيل مُحاولا إعادة إنتاجها حسب إيدولوجيتهم، فعندما تقراء في الصفحة الأولى تشعر وكأنه يضحك عليك بقهقه تسد الآذان، ثم يقول مُتهكّما لم نترك لكم شيئا حتى الدين لبسنى قميصه.

فالحكاية مفضوحة، ففي كل يوم يُحاول أن يجد شخصا يقتبس من كلامه ليُوظّفه في مكان يعتقد أن به قد يُصاب شيء من أهدافه، وعلى رأسها السيد الرئيس أردوغان. هذه المرة كانت الضحية كلمات الرئيس العام للحزب القومي عندما وظّفها ليُحاول أن يُكسب حزب الشُعوب الديمقراطية نوعا من القبول التركي ويُضفي عليه شيئا من الشرعية. والمشاهد في باقي وسائل الإعلام المكتوبة و المسموعة والمرئية التي لا رباط لها، فهي تندرج ضمن نفس المسار والاختيارت. هم يعقدون أنهم يُشّكلون بطريقة أو بأخرى تحالف قد يُصلهم الى مكان جديد أفضل من العار الذي هم فيه.

الى الأن لم أتطرق لدعم وإعلام التنظيم المُوازي، فلو حالفك الحظ ووقعت في حضن أحد منابرهم الإعلامية لتيقّنت من بعدها أن سبب خراب تركيا وحتى العالم هو الطاغية أردوغان وحده. نعم، إلى هذه الدرجة وصلت بهم السفالة وتردي المهنيّة حتي يجعلوا من الحبة كبّة ويتناسوا بكل صفاقة الإنجازات الضخمة ويحرّفوا الحق باطلا والباطل حقا.

فلو صدف وتعطّل ضوء في شارع فإن المسؤول هو الخربنجي أردوغان، وهو نفسه الفاسد ماليا يبني قصر من أموال الحكومة لنفسه ولحزبه. كُل أنواع ضرب الرصاص على حزب الحُرية والعدالة هو من المُباحات إن لم يكن من الفروض والواجبات. وعلى نفس اللحن ترى صحف مثل الزمان،الميدان، اليوم وغيرها تدقُ طُبول الحرب بدل ممارسة الإعلام المهني الشريف.

بعد كل هذه الإفترائات المُلفقة في الغرف المُظلمة والضرب تحت الحزام، من أجل حرف الشعب ومسح أدمغته.ثم تراهم يخرجون ويقولوا أن الحكومة توضيّق على الأعلام  وتقوم بإنقلاب على حُرية الصحافة.

لم يترُكوا الشعب بعد كل هذا التدليس فلقد عقدوا الأيمان المُغلّظة على أن يمسحوا عقول الأتراك ويملأوها بكل أنواع الشك مثل" الأنتخابات في خطرلأن... ولأن..." و"ما زال بإمكانهم أن ....وأن....". فمن أقصى اليمين إال أقصى اليسار إجتمعوا ليوجهوا الآراء ضمن سياسة مدروسة.

اعقلوا يرحمكم الله، فمثل هذه الصورة موجودة وتتجذّر مع الوقت لتّصبح جزئ من حياة كل الأتراك، كُلنا يرى هذه الصورة لكن يجب أن نخرج من المشاهدة الى صنع الحدث.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس