خاص ترك برس

وقعت تركيا والسويد وفنلندا قبل يومين، مذكرة تفاهم مهدت بموجبها الطريق لانضمام البلدين الأخيرين إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

توقيع مذكرة التفاهم جاء على هامش قمة زعماء الناتو التي انعقدت على مدى الأيام الثلاثة الأخيرة في العاصمة الإسبانية مدريد.

وتمكنت تركيا خلال الاجتماع الثلاثي التي جمعت الرئيس أردوغان بقادة السويد وفنلندا والأمين العام للأمم المتحدة، الحصول على ضمانات وتعهدات من البلدين المذكورين.

ومن أهم مخرجات الاجتماع الثلاثي، التالي:  

- التعاون الكامل مع تركيا في محاربة تنظيم "بي كي كي" الإرهابي وفروعه.

- التضامن مع تركيا في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله ومظاهره.

- الالتزام بعدم دعم المنظمات الإرهابية "واي بي جي/ بي واي دي/ بي كي كي" و"غولن".

- عدم فرض قيود أو حظر على الصناعات الدفاعية وزيادة التعاون.

- التزام السويد وفنلندا بتعديل تشريعاتهما الوطنية الخاصة بشأن مكافحة الإرهاب وصادرات الأسلحة إلى حلفاء الناتو.

- إنشاء آلية تعاون منظمة لتبادل المعلومات الاستخبارية في مجال مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة.

- اتخاذ خطوات ملموسة بشأن تسليم المجرمين الإرهابيين وإجراء تعديلات تعاقدية متبادلة.

- التحقيق في أنشطة جمع الأموال والتجنيد لصالح تنظيم "بي كي كي" الإرهابي وكافة امتداداته، وحظر تلك الأنشطة.

- منع كافة الأشكال الدعائية للمنظمات الإرهابية ضد تركيا.

- دعم أوسع مشاركة لفنلندا والسويد في الآليات الأمنية للاتحاد الأوروبي، بما في ذلك PESKO (عملية التعاون المنظم الدائم للاتحاد الأوروبي).

- إنشاء آلية مشتركة دائمة بمشاركة وزارات الخارجية والداخلية والعدل وأجهزة الاستخبارات والمؤسسات الأمنية للإشراف على تنفيذ هذه البنود.

وتعليقا على البنود المتفقة، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تصريح للصحفيين خلال عودته من مدريد، إن تعهدات فنلندا والسويد مهمة لكن الأهم هو تنفيذها، مشيرا أن أنقرة تتعامل بحذر مع الأمر بصفتها دولة طُعنت من ظهرها أكثر من مرة فيما يخص مكافحة الإرهاب.

وأضاف أنه سيكون من الصعب جدا بعد مذكرة التفاهم الثلاثية على إرهابي "بي كي كي" و"غولن" تنفيذ حملات دعاية سوداء واستهداف المواطنين الأتراك وتنفيذ هجمات ضدهم.

وذكر أيضا أن السويد سلمت تركيا حتى الأن 4 إرهابيين من أصل 73، وأن هذا العدد ضئيل جدا وأن تركيا تريد من السويد تسليم كافة المطلوبين.

وفور الإعلان عن نتائج الاجتماع الثلاثي ومخرجات قمة زعماء الناتو، بدأ الخبراء والمحليين الأتراك يدلون بآرائهم حول مكاسب تركيا، منهم من يرى أن تركيا حققت مكاسب كبيرة، وآخرون يرون أن ما تحقق غير مطمئن ولا يفي بالغرض.

 

-       هل تلتزم السويد وفنلندا بالتعهدات

يقول البروفسور الدكتور كورشاد زورلو الكاتب في صحيفة خبر تورك، مما لا شك فيه أن تركيا حققت بعض المكاسب، لكن يبدو أنها حدت أيضًا من بعض مكاسبها المحتملة.

وأضاف قائلا: "تركيا حققت مكاسب عديدة منها أنها حصلت على تعهدات من السويد وفنلندا بعدم السماح لأنصار التنظيمات الإرهابية بالقيام بأي نشاط ضد تركيا داخل حدود هاتين الدولتين، وحققت أيضا مكاسب أخرى، لكن أنقرة لم تفلح في دفع الناتو لإدراج تنظيمي "غولن" و"وا بي جي" على قائمة التنظيمات الإرهابية".

ولفت زورلو إلى أهمية إيفاء السويد وفنلندا بتعهداتها، وإلا ستبقى مذكرة التفاهم حبرا على ورق، متسائلا في هذا السياق ما الذي يمكن لتركيا فعلها في حال أخلت هاتين الدولتين بتعهداتها.

-       دبلوماسية تركيا ناجحة

من جانبه قال المحلل السياسي نصوحي غونغور، إن نتائج مذكرة التفاهم المبرمة بين تركيا والسويد وفنلندا، تؤكد نجاح دبلوماسية تركيا وسياساتها الخارجية، وأن أنقرة تعمد استخدام لغة التصعيد التي لم يكن الغرب يتوقعها بهذا القدر.

وأشار إلى أن تركيا عززت حضورها في حلف شمال الأطلسي، على اعتبار أنها كانت تمتلك الكلمة الفصل في عضوية السويد وفنلندا، وعلى اعتبار أنها باتت بمثابة وسيط بين الناتو وروسيا نظرا لعلاقات أنقرة الوثيقة مع موسكو على وجه الخصوص وسياسات تركيا الخارجية المتزنة بشكل عام.

بدوره قال الخبير في الشؤون العسكرية جتينر جتين، إن علاقات تركيا مع الناتو كانت متأزمة على مدى السنوات السبع الماضية، وأن أنقرة بدأت خلال هذه المدة إنتاج حلول جديدة تتماشى مع مصالحها الوطنية.

وأشار في هذا السياق إلى سحب الناتو أنظمة دفاعه الجوي من ولاية غازي عنتاب عام 2015، وترك تركيا عرضة للصواريخ التي يمكن أن تأتي من سوريا. الأمر الذي دفع بتركيا إلى شراء نظام الدفاع الصاروخي "S-400" من روسيا وذلك على الرغم من الاحتجاجات الشرسة لحلف شمال الأطلسي. ونتيجة لكل هذه الإجراءات تعلمت تركيا كيف تقف على قدميها في المعادلة الإقليمية بدون الاعتماد على الناتو.

ويقول جتين: " من وجهة نظر الناتو، تركيا دولة مهمة لا يمكن قطع العلاقات معها. فأنقرة لديها ثاني أكبر جيش في الحلف بعد الولايات المتحدة، وإلى جانب ألبانيا هي الدولة الوحيدة في الناتو ذات الأغلبية المسلمة. وعلاوة على ذلك فإن تركيا بوابة للبحر الأسود وهي تسعى بطريقة ما إلى الحفاظ على التوازن في أزمة أوكرانيا.

ويشير جتين إلى أن أهمية تركيا داخل حلف الناتو برزت من جديد مع بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا وأن هذه الأهمية انعكست على نتائج قمة مدريد والاجتماع الثلاثي بين تركيا والسويد وفنلندا، مبينا أنه من المستبعد بعد اليوم أن يتجاهل الناتو مخاوف تركيا ومطالبها خاصة فيما يتعلق بمكافحة التنظيمات الإرهابية التي تشكل خطرا على الأراضي التركية وعلى المنطقة برمتها.

-       المعارضة غير راضية عن النتائج

يعتبر المعارضون لحكومة الرئيس أردوغان أن نتائج قمة الناتو والاجتماع الثلاثي بين تركيا وفنلندا والسويد، انتصار للغرب وفشل للحكومة التركية، متذرعين في ذلك بالتصريحات الصادر عن مسؤولين فنلنديين وسويديين عقب توقيع مذكرة التفاهم.

وفي هذا الخصوص، يقول النائب السابق في حزب الشعب الجمهوري المعارض بارش يرقداش، إن أردوغان لم يتمكن من تحقيق أي مكسب يصب في صالح الأمن القومي التركي.

ويضيف بأن تركيا فشلت في دفع الدولتين المذكورتين على الاعتراف بإرهابية تنظيم "واي بي جي" الذي يعد الجناح السوري لتنظيم "بي كي كي" الإرهابي.

ويشير يرقداش أن الرئيس أردوغان أكد مرارا أنه لن يقبل على الإطلاق عضوية فنلندا والسويد في الناتو، وأنه غيّر رأيه بمجرد مكالمته الهاتفية مع نظيره الأمريكي جو بايدن قبل توجهه إلى مدريد لحضور قمة الناتو.

ويتساءل يرقداش: "تركيا كانت مصممة على عدم قبول عضوية السويد وفنلندا حتى قبل ساعات قليلة من بدء الاجتماع الثلاثي، فكيف غيرت رأيها ووقعت مذكرة التفاهم التي فتحت الطريق أمام هاتين الدولتين للانضمام إلى الناتو، علما أن ساعات قليلة لم تكن كافية للتفاوض حول مسألة بهذه الأهمية وحسمها".

وذكر يرقداش في زاويته بصحيفة قورقوسوز، تصريحات الرئيس الفنلندي ساولى نينيستو الذي قال "نحن لم نقبل بإدراج "واي بي جي" على قائمة التنظيمات الإرهابية كما كانت ترغب تركيا"، وبتصريحات وزيرة الخارجية السويدية آنه ليندي التي قالت "لم نرضخ لمطالب أردوغان".

-       الفرق بين التعاون والتضامن

من جانبها تعمقت الكاتبة نيهال بنغيصو قرجه في بنود مذكرة التفاهم ولفتت الانتباه إلى وجود كلمتي "تعاون" و"تضامن"، ما أثار شكوكها حول المكاسب التي حققتها تركيا.

وتقول قرجه إنه من اللافت استخدام كلمة تعاون في البنود التي ذُكر فيها اسم تنظيم "بي كي كي" الإرهابي، بينما تم استخدام كلمة "تضامن" مع تركيا في البنود التي ورد فيها اسم تنظيمي "غولن" و"واي بي جي".

الصحفية كبرى بار العاملة في قناة خبر تورك، قرأت نتائج الاجتماع الثلاثي من زاوية علاقات تركيا مع الولايات المتحدة الامريكية.

وقالت بار: "قدمنا ما هو مطلوب من تسهيلات للناتو بشأن انضمام السويد وفنلندا، ولكن هل استطعنا الحصول على المأمول من الولايات المتحدة الامريكية مقابل هذه الخدمة التي قدمناها للناتو".

واردفت: "أما كان يجب على الولايات المتحدة الامريكية إعادة تركيا إلى برنامج مقاتلات "إف35"، أو على الأقل رفع عقوبات كاتسا عن عدد من المسؤولين الأتراك، مقابل تمهيد تركيا الطريق لانضمام السويد وفنلندا للناتو، أم أن تركيا لم تتطرق إلى هذه المسألتين خلال المحادثات مع بايدن".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!