مراد يتكين - حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر وقع في إسطنبول على اتفاق لبناء خط ثان لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى تركيا تحت البحر الأسود.

سيكون هذا ثالث خط أنابيب بين البلدين. أما الخط الثاني الذي يطلق عليه التيار الأزرق فقد وقع على اتفاق لبنائه عام 1997، ودخل حيز التنفيذ في عام 2003. وقد وقع على إنشاء الخط الأول في عام 1984، عندما كانت روسيا في إطار الاتحاد السوفيتي السابق، ليمر عبر الطريق البري مرورا برومانيا وبلغاريا. لكن المشروع واجه مشكلات بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، ووسط تصاعد التوتر بين روسيا وأوكرانيا. كان خط أنابيب التيار الأزرق "بلو ستريم" نتيجة لتنامي طلب تركيا على الطاقة. شيد خط الأنابيب تحت البحر الأسود بتكنولوجيا من شركة إيني الإيطالية دون أن يمر بأراضي دولة أخرى. في تلك الأيام كان رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين على صداقة جيدة.

بقي أردوغان وبوتين رئيسين لبلديهما، بينما لم يعد بيرلسكوني في السلطة (في الواقع لا يزال الإيطاليون يفرضون حظرا على روسيا بسبب تدخلها في أوكرانيا، وضمها لشبه جزيرة القرم).

في العاشر من أكتوبر في مدينة إسطنبول شهد أردوغان وبوتين توقيع وزيري الطاقة في البلدين، ألكساندر نوفاك وبرات البيراق، على صفقة التيار التركي الجديد. يولي الرئيس أردوغان أهمية كبرى لصفقات الطاقة، وهناك عدد من الصفقات النووية الأخرى على الطريق بعد الاتفاق مع روسيا على بناء مفاعل نووي في منطقة أك كويو التركية على ساحل البحر المتوسط.

شهد الرئيس الأذري إلهام علييف أيضا ومشاركته في التوقيع على صفقة أخرى لتوريد الغاز إلى تركيا. كان علييف مشاركا في التوقيع، لأن البنية التحتية لمشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للأناضول "تاناب" سيحمل الغاز من أذربيجان إلى تركيا ومن هناك إلى اليونان من خلال آلية محاور الأسواق الأوروبية التي من المرجح أن تكون مشاركة في مشروع التيار التركي.

من الصعب أن نعتقد أن هذه الصفقة جاءت فور وقوع أزمة دبلوماسية كبيرة بين تركيا وروسيا التي بدات بإسقاط الطائرات الحربية التركية لمقاتلة روسية لانتهاكها المجال الجوي التركي من الحدود السورية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 . لكن حتى في ذروة التوتر بين أنقرة وموسكو لم تتوقف شركة جازبروم الروسية عن ضخ الغاز إلى شركة بوتاش التركية على الرغم من التصريحات القاسية المتبادلة بين أردوغان وبوتين.

وهذا يثبت صحة مقولة الرئيس التركي السابق، تورغوت أوزال، الذي وقع عندما كان رئيسا للوزراء على صفقة الغاز الأولى مع موسكو عام 1984. في ذلك الوقت قال أوزال إن الترابط الاقتصادي عو أفضل وسيلة لمنع الأزمات.

لم تتمكن صفقات الغاز من منع اندلاع الأزمة الأخيرة، لكنها ساعدت في التغلب على هذه الأزمة.

ذات يوم سوف يتذكر البعض بناء خط أنابيب بين ميناء عسقلان على البحر المتوسط وميناء إيلات على البحر الأحمر في عام 1969. هذا الخط بناه مساهمان على قدم المساواة: إسرائيل وإيران.

لكن خط الأنابيب الروسي إلى تركيا لن يبدأ عمله اليوم، فماذا قد يحدث غدا؟ سنرى. يتغير الخطاب، وحتى الأنظمة تتغير، ولكن تبقى خطوط الأنابيب. 

عن الكاتب

مراد يتكين

كاتب في صحيفة راديكال


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس