نيكيتا غالبوكوف - صحيفة فزغلياد الروسية - ترجمة وتحرير ترك برس

اقترحت تركيا مؤخرا، على الولايات المتحدة الأمريكية نشر قواتها المسلحة داخل الأراضي السورية في إطار محاربة الإرهاب، كما سبق أن أعلنت واشنطن في وسائل إعلام أمريكية عن نوايا مشابهة.

ويبدو أن أنقرة وواشنطن تسعيان لإنشاء مجال تعاون مشترك في مدينة الباب السورية، وهذا يعد تهديدا حقيقيا ليس فقط بالنسبة لدمشق وإنما بالنسبة لموسكو أيضا.

وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الأحد الماضي، في مؤتمر ميونخ أن تركيا اقترحت على الولايات المتحدة الأمريكية إرسال وحداتها الخاصة من القوات العسكرية للأراضي السورية. وقد صرح جاويش أغلو أن هذا الموضوع تم التطرق إليه أثناء زيارة رئيس هيئة الأركان العامة للقوات الأمريكية، جوزيف دانفورد إلى تركيا.

كما أكد وزير الخارجية التركي إصرار بلاده على تحرير مدينة الباب السورية في أقرب وقت ممكن. وأضاف جاويش أوغلو أن عملية "درع الفرات" أثبتت فعالية كبيرة للعمليات العسكرية التركية على الأراضي السورية في مواجهة الإرهاب ودعم المعارضة السورية. كما أكد الوزير أنه بعد تحرير مدينة الباب سيتم التوجه لتنفيذ عملية مشتركة مع دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف تحرير الرقة.

في المقابل، طالب السفير السوري لدى الأمم المتحدة، بشار الجعفري، يوم الخميس المنصرم تركيا بسحب قواتها من الأراضي السورية على وجه السرعة، وقال إنه "على تركيا اتخاذ إجراءات أكثر حزما لإغلاق حدودها أمام تدفق الإرهابيين إلى سوريا، واعتبر أن تركيا هي المسؤولة عن الخروقات التي استهدفت السيادة السورية، وأنه يتوجب عليها احترام حكومة سوريا".

وفي هذا السياق، دعت أنقرة إلى ضرورة احترام البيان الصادر عن المحادثات الأولى في أستانا، حول سيادة الجمهورية العربية السورية.

ووفقا لهذا، يمكن التأكد من أن دمشق غير راضية عن التعاون العسكري بين القوات التركية ونظيرتها الأمريكية على الأراضي السورية. والجدير بالذكر، هو أن وسائل الإعلام الأمريكية خلال الأيام القليلة الماضية أعلنت بأن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى لتوسيع وجودها على الأراضي السورية، من خلال تعاونها مع تركيا.

وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم البنتاغون إن "العملية ستستمر 30 يوما بهدف دراسة إستراتيجية مناسبة لتدمير تنظيم الدولة، كإحدى أولويات الرئيس الأمريكي، وسنحاول اتخاذ مجموعة من التدابير الرامية لتسريع القيام بالعملية".

ومنذ سنة 2014، تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتنفيذ غارات داخل الأراضي السورية دون الحصول على إذن رسمي من دمشق. بالإضافة إلى ذلك، قامت مجموعة من القوات الخاصة الأمريكية بمساعدة مجموعات محلية منتسبة للمعارضة السورية. ووفقا لبيانات رسمية، لم تقم القوات الأمريكية بالفعل بأية غارات ضد تنظيم الدولة.

وفي هذا السياق، أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في نفس السنة عن انتهاء حقبة العمليات العسكرية الكبرى، ووعد الجنود الأمريكيين الذين عادوا من أفغانستان بأن الولايات المتحدة الأمريكية لن تستخدم قوات برية في عمليات عسكرية مشابهة بعد ذلك، إلا أنه حنث بهذا الوعد سنة 2016 عندما قرر إرسال قوات برية إلى سوريا والعراق لمحاربة تنظيم الدولة، في إطار ما يسمى بالتحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، وقام بتنفيذ عمليات عسكرية منظمة في سوريا.

تركيا والولايات المتحدة الأمريكية تسعيان إلى إنشاء شبه دولة في شمال سوريا:

يعتقد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط وآسيا الوسطى سيمون باغداسورف، أن اقتراح جاويش أغلو المتمثل في مشاركة القوات الأمريكية في العمليات العسكرية في سوريا، جاء نتيجة لاتفاق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، حول سبل العمل المشترك على الأراضي السورية.

وذكر الخبير الروسي أن القوات التركية استغرقت وقتا طويلا خلال محاولة السيطرة على مدينة الباب وتحريرها من تنظيم الدولة، دون التمكن من ذلك على الرغم من أن ذلك قد كلفها الكثير من الخسائر المادية والمعنوية. ورجّح الخبير أن التعاون التركي الأمريكي سيتجه نحو الرقة في عملية عسكرية مشتركة بعد تحرير مدينة الباب، ولم يستبعد أنه قد تم البحث في هذا الموضوع مع مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إي) مايك بومبيو أثناء لقائه برئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في أنقرة مؤخرا. كما تم التفاوض في ذلك اللقاء على تسليم فتح الله غولن.

ووفقا لما ذُكر آنفا، فإن الخطر الحقيقي يكمن في إمكانية إنشاء منطقة عازلة تخضع للسيطرة التركية-الأمريكية في المستقبل، في شمال سوريا، وسيكون لدول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية دور في تكوين هذه المنطقة، خاصة بواسطة الدعم المادي والعسكري الذي تقدمه الرياض إلى أنقرة.

وفي هذا السياق، قال الخبير: "مستقبلا، سيتم إنشاء شبه دولة في شمال سوريا تخضع للسيطرة والحماية التركية-الأمريكية-السعودية، وستحكمها المعارضة السورية ويسكنها العرب والتركمان". كما أضاف باغداسور أن "مصير الأكراد والآشوريين والمسيحيين لا يمكن الحسم فيه إلى حد الآن، ومن الممكن اعتباره مجهولا".

ووفقا للخبير، فإن روسيا لا يمكنها أن تتوقع بدقة النوايا والخطط التي قد تتحكم في مصير سوريا في المستقبل، إلا أنه لم يفت الأوان بعد لتحاول منع الشراكة التركية الأمريكية التي تعتزم إنشاء مقاطعة خاضعة لسيطرتهم في شمال سوريا.

ووفقا للخبير السياسي، فإنه على القوات الحكومية السورية الإسراع في تنفيذ هجومها العسكري على شمال سوريا بهدف قطع الطريق على الأتراك. بالإضافة إلى ذلك، يجب على بشار الأسد، في مرحلة أولى، أن يقدم لأكراد سوريا، وعدا بمنحهم حكما ذاتيا.

وفي مرحلة ثانية، على الحكومة السورية توجيه إنذار إلى تركيا أنه في حال تقدمت نحو الرقة، فلن تحظى برضا روسيا. ووفقا لباغداسورف، ستضطر أنقرة لمواجهة الجيش الحكومي وحليفته روسيا، حتى لا تخسر حلفاءها القدامى دون أن تكسب حلفاء جدد.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس