جلال سلمي - خاص ترك برس

"يبدو أن حزب العدالة والتنمية تعلم الدرس من الانتخابات السابقة التي أودت بنسبة كبيرة من نسبته الانتخابية المُعتادة لثلاث دورات حيث تغاضى عن مخاطبة الحس الاجتماعي والاقتصادي للناخب التركي".

يُعد العامل الاقتصادي والمستوى الاجتماعي ومخاطبتهما من قبل الأحزاب السياسية خلال فترة الحملات الانتخابية من أهم العناصر والعوامل التي تؤثر بالناخب وصوته لأن هذان العاملان هما العاملان الأساسيان في تلبية الغرائز والاحتياجات الإنسانية" من مأكل وملبس وأمن واطمنان نفسي واحترام ذاتي وتحقيق الأهداف الذاتية؛ حسب ما يؤكده عالم النفس الأمريكي إبراهام مسلو في نظرية الغرائز والاحتياجات الإنسانية الخاصة به.

وحسب علماء السياسة السلوكيين؛ في حال غفل أي حزب عن مخاطبة هذين العاملين قبل جميع العناصر المؤثرة الأخرى "الهوية، الانتماء الحزبي، القيم الثقافية وغيره" فإن احتمال فوز أي حزب سياسي في الانتخابات مُعرّض للاهتزاز وفقدان التوازن في الانتخابات ويمكن أن يؤدي إغفاله لهذين العاملين إلى نتائج وخيمة تنتهي بخسارته لثقة الناخب ومن ثم صوته.

ويُشير الباحث السياسي جوجور أوراس، في مقالة تحليلية له بعنوان "العنصر الاقتصادي الاجتماعي وحزب العدالة والتنمية" نُشرت في جريدة ميلييت بتاريخ 30 أيلول/ سبتمبر 2015، إلى أن "حزب العدالة والتنمية غفل عن هذين العاملين في الانتخابات الأخيرة ولم يتناولهما بالقدر المطلوب الأمر الذي انتهى بالتأثير على نسبته الانتخابية المعتادة جزئيًا".

ويؤكد أوراس بأن "حزب العدالة والتنمية تعلم الدرس من الانتخابات السابقة التي أودت بنسبة كبيرة من نسبته الانتخابية المُعتادة لثلاث دورات حيث تغاضي عن مخاطبة الحس الاجتماعي والاقتصادي للناخب التركي، وهذا ما سيدفعه إلى اتباع العديد من السياسات الاجتماعية والاقتصادية والتي ستستهدف بشكل خاص فئات الدخل المحدود والدخل المتوسط الثابت".

وتُرجع الأكاديمية المُختصة في علم الاجتماع نيلوفار جولا، في مقال لها بعنوان "لماذا لم يكسب حزب العدالة والتنمية هذه المرة؟" نُشرت في موقع "إيكونوميك دوروم" بتاريخ 15 حزيران/ يونيو 2015"، عدم مقدرة حزب العدالة والتنمية على الفوز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة إلى عدة أسباب ولكن تؤكد جولا في مقالها بأن السبب الرئيس لعدم تمكن حزب العدالة والتنمية إلى الفوز ابتعاده بعض الشيء عن الأهداف الاجتماعية والاقتصادية المُخاطبة للحس الاقتصادي والاجتماعي الإنساني  لدى المواطن التركي".

وتُشير غولا إلى أن "حزب العدالة والتنمية ارتكب خطأً دريعًا في حملته الانتخابية الأخيرة خاصة بعد أن أصبح المواطن التركي عاتبًا عليه بعض الشيء بعد قدوم أكثر من 2 مليون ونصف المليون سوري إلى تركيا الأمر الذي خفض الحد الأدنى للأجور بسبب الأيدي العاملة الرخيصة ورفع المستوى المعيشي والتضخم المالي نتيجة لعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي المُحيط بتركيا بشكل عام فبدلًا من أن يقوم حزب العدالة والتنمية باسترضاء المواطن التركي ووعده بتطبيق جميع الإجراءات التي تًعدل من هذه النتائج الاقتصادية والاجتماعية السلبية أفرط في مطالبه الحزبية وخاصة مطلب دعم النظام الرئاسي الأمر الذي زاد من غضب المواطن التركي عليه".

وتؤكد غولا في مقالها بأنها "ليست ضد استقبال اللاجئين السوريين أبدا ً بل هي على العكس تظهر ترحيبها بجميع اللاجئين الذين يحتاجون الأمن والسلامة"، ولكن تُشير غولا إلى أن "على حكومة حزب العدالة والتنمية اتخاذ إجراءت بديلة لتفادي أي نتائج اقتصادية واجتماعية سلبية تؤثر بشكل مباشر على المواطن التركي حتى لا يُشعر وكأنه مواطن ذو درجة ثانية".

وما يدل على أن حزب العدالة والتنمية استوعب بشكل كبير خطأه الذريع قيامه بتخصيص عدة مواد خاصة بالجانبين الاقتصادي والاجتماعي في برنامجه الانتخابي الأخير؛ ويمكن سرد هذه المواد بالشكل التالي:

ـ زيادة عدد المستفيدين من الخدمات الاجتماعية الحكومية بمقدار 2 مليون شخص.

ـ تخصيص راتب للعاطلين عن العامل.

ـ تأسيس نظام يدعم ويشجع عمل أكثر من 10 آلاف امرأة في منزلها.

ـ تخصيص نظام أكثر حزمًا لرقابة نظام العمل وحقوق العمال في تركيا.

ـ مناقشة زيادة الأجر المتدني بحجم يجعل العامل التركي قادرًا على توفير قوته اليومي وعيشه الكريم.

ـ تقديم هبة مالية للرياديين الشباب في مشاريعهم التجارية

ـ تخصيص راتب شهري للطالب الجامعيين يستمر إلى أن يجد الطالب فرصة عمل.

ـ توظيف 200 ألف شخص مُختص بأعمال الحدائق والتشجير لتوفير بيئة خضراء مريحة للنفس للمواطن التركي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!