محمد بارلاص – صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

لعل السؤال الأكثر انتشارا وأهمية اليوم هو "لماذا قرر بوتين سحب قواته العسكرية المتواجدة في سوريا؟". تسرع السيناتور الأمريكي جون ماكين في تقديم إجابته على هذا السؤال، فحسب ماكين السبب وراء قرار الانسحاب هي الأخبار الواردة عن "ربيع أوكراني دموي"...

لم يخدم وجود روسيا العسكري في سوريا سوى مصلحة الأسد ونظامه البعثي. وإذا نظرنا إلى قرار الانسحاب من هذا المنطلق ، فحينها بوسعنا القول إن قرار الانسحاب سيعزز من موقف أحزاب المعارضة في اجتماعات ومباحثات جنيف للسلام.

حقيقة داعش

لكن قرار الانسحاب هذا سوف يؤدي كذلك إلى تجمد المواقف على الأرض في سوريا، وسيؤدي إلى تثبيت وجود داعش في المناطق التي تسيطر عليها ويبث فيها روح الديمومة والبقاء. وهذا يعني أن روسيا التي بعثت عساكرها إلى سوريا بغية  قتال داعش ووقف إرهابها أدركت أنها لن تستطيع تحقيق ما ترنو إليه وقبلت بشكل أو بآخر بعجزها. فداعش التي تحافظ على وجودها في العراق وتسيطر على جزء منه أصبحت إحدى حقائق الشرق الأوسط ويبدو أن الوضع الراهن يدفع العالم الخارجي نحو قبول هذه الحقيقة...

نقطة إيجابية لتركيا

إذا كان انسحاب القوات الروسية من سوريا سيساهم بشكل إيجابي في مباحثات جنيف للسلام وسيعزز من موقف المعارضة السورية هناك، عندها يمكننا القول إن انسحاب بوتين من سوريا  يُعد تطورات إيجابية بالنسبة لتركيا. حيث أن أي حل سلام للأزمة السورية التي أدت إلى تسلل الإرهابيين إلى تركيا وانعكست سلبا على دولتنا يعد مكسب مهم جدا لتركيا.

بلبلة فكرية

لكن لا بد لنا من التذكير أن الإرهاب الذي يتربص باستقرار تركيا وأمنها ووحدتها ليس من مصادر خارجية فقط. فالى جانب الفئة التي ترتكز على الإرهاب في وجودها هناك ومع الأسف عدد لا يستهان به من  المعارضين الذين يمزجون بين "ممارسة المعارضة" وبين "دعم الإرهاب وأسبابه". فعلى سبيل المثال يمكننا أن نرى الذين يحاولون التسلق على تفجيرات أنقرة الإرهابية الأخيرة والذين يسعون من خلال مناقشاتهم وأحاديثم لجعل هذه العمليات الإرهابية مركز الحوارات والنقاشات السياسية من أجل تحقيق مكاسب معينة.

نحن الذين سنكسب

في النهاية كل هذه الحقائق تظهر جلية واضحة أمام الجماهير. فالجهود الجبارة التي تبذلها الدولة في مكافحة الإرهاب شاهدها معظم الشعب وشهد عليها وأيدها كذلك الكثير منهم وهو حقيقة أخرى جلية للعيان. باختصار الحماس والهيجان النابع من التطورات التي ينطوي عليها مستقبل تركيا وغدها سيستمر وبشكل متواصل. لكن وعي الشعب وأدراكه للحقائق سيمكنه من تجاوز الاضطرابات السياسية ليقرر مصيره وقدره وليرسم مستقبل هذه الدولة.

عن الكاتب

محمد بارلاص

كاتب وصحفي تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس