عاكف بكي – صحيفة قرار – ترجمة وتحرير ترك برس

دعت بـ "الخطأ" معراج أورال، زعيم إحدى عصابات الأسد، وهو مطلوب لتركيا بتهمة ارتكاب مجزرة "ريحانلي"، إلى سوتشي، لحضور مؤتمر تشارك فيه تركيا كدولة ضامنة.

استقبلت المعارضة السورية، التي أقنعتها تركيا بصعوبة بالمشاركة في المؤتمر، بأعلام النظام "دون قصد"، وبلغت استفزازتها "غير المتعمدة" هدفها، فانسحبت المعارضة من المؤتمر، ورضيت بأن تمثلها تركيا.

مفاجآت الصباح هذه، أعقبت ليلة حافلة أيضًا. فموسكو، التي لامت أنقرة بدعوى تأخرها في إنجاز نقاط المراقبة بإدلب، قصفت بـ "الخطأ" أيضًا مسار موكبنا العسكري المتجه لإنشاء نقطة مراقبة جديدة.

وبعد ذلك، صوّبت الميليشيات الشيعية وقوات الأسد مدافع الهاون بـ "الخطأ" نحو موكبنا، وكادت تقع مواجهة بين جيشين في منطقة خفض التصعيد.

عرّضت أمن الجيش التركي إلى الكثير من المخاطر، وأوشك من يتوجب عليه حماية ظهرنا أن يطعننا من الخلف على نحو "غير مقصود".

التحرشات غير المقصودة، والاستفزازات الناجمة عن الارتباك والتهور في سوتشي، والتعرضات لنا في إدلب، كل ذلك بدأ يتزايد في الآونة الأخيرة.

لكن ياللمصادفة، جميعها أحداث وقعت بغير قصد أو تعمد، وأي منها لم يكن مفتعلًا..

لكن إذا وضعنا سوء النية في الحسبان، يمكننا القول إن أيًّا من هذه الحوادث لم يقع عن غير قصد، وإنه لا يمكن تفسيرها بحسن نية، وإن موسكو تختبر قدراتنا العسكرية، وتلعب بأعصابنا قصدًا، وإنها تحاول جذب انتباهنا لجهة أخرى من أجل تنفيذ مآربها، وإنها تسعى لإجبار الجيش التركي على ارتكاب الأخطاء، وإن ما تفعله لا يندرج في إطار الصداقة.

ومع كل هذه الحوادث على الطريق ما زلنا نثق بشريكنا الجديد روسيا، أكثر من شريكنا القديم الولايات المتحدة. بل إن روسيا تحولت إلى شيء لا يمكن الاستغناء عنه من أجل سلامة ونجاح عملياتنا في سوريا، بما فيها "غصن الزيتون".

لكن المحافظة على حسن ذات البين مع موسكو لا تقتضي منا أن نغض الطرف عن النصف الآخر من الحقيقة.

فما هو الوجه الآخر من العملة، الذي لا يمكننا التعامي عن رؤيته؟

بطبيعة الحال، تركز روسيا على الاستفادة القصوى الممكنة من اصطدامنا بالولايات المتحدة، وتسعى لاستغلال كل ما ينجم عن تدهور علاقاتنا مع واشنطن.

وعلاوة على ذلك، فإن وحدات حماية الشعب، التي نصفها بأنها تنظيم إرهابي، لا تعتبرها موسكو كذلك، وترى أن من الممكن جدًّا التغاضي عن ما نعتبره قضايا حساسة بالنسبة لنا، وإبرام اتفاقات مع الوحدات.

ولا تفرطوا بالثقة بأن موسكو لن تعامل الجيش الحر، الذي نعتبره المعارضة الشرعية، مجددًا على أنه تنظيم إرهابي، بينما تستضيف معراج أورال زعيم العصابة، بكل حفاوة.

باختصار، كما هو الحال بالنسبة لكل شيء، الإفراط في موازنة عدم الثقة بالولايات المتحدة من خلال الثقة بروسيا، أمر  ينطوي على الأضرار. وعلينا ألا نضع البيض كله في سلة واحدة أولًا، وألا نستجير من النار بالرمضاء ثانيًا.  

عن الكاتب

عاكف بيكي

كاتب في صحيفة حريت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس