ترك برس

كثّف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من تدشين مشاريعه العملاقة، خلال الفترة الأخيرة، تزامناً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في خطوة يعوّل عليها للفوز من جديد في المنافسة الديمقراطية.

وتركزت مشاريع أردوغان هذه حول اكتشافات في مجال الطاقة كحقول نفط وغاز طبيعي، وافتتاح "أق قويو" أول محطة نووية تركية، وإطلاق "إيمجه" أول قمر صناعي محلي الصنع، وظهور "توغ" أول سيارة كهربائية تركية، بالإضافة إلى إنجازات غير مسبوقة في تاريخ تركيا في مجال الصناعات الدفاعية، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت".

وقد وضع الرئيس التركي العام الماضي رؤية القرن في إطار حرصه على النهوض بتركيا، وإبراز ما صنعه مع الاحتفال بالمئوية على تأسيس الجمهورية.

توقيت حاسم

حسب الباحث والمستشار المتخصص في الشأن التركي محمود علوش، فإن الهدف من اختيار افتتاح العديد من المشاريع هو التأكيد على الارتباط بين التقدم الذي حققته تركيا خلال العقدين الماضيين بشخصية أردوغان وحقبة حزب العدالة والتنمية الحاكم.

وأكد علوش أن "هذا الاختيار يخدمه في المنافسة الانتخابية بالطبع"، مؤكدا أن إنجازات أردوغان الضخمة لا تزال تعمل كورقة رابحة له في الانتخابات، على الرغم من تراجع تأثيرها عن الأعوام السابقة نظرا للوضع الاقتصادي القائم ومسألة التضخم.

وحسب المتحدث "يُمكن للترويج لهذه المشاريع أن يستقطب فئات من الناخبين، لكنّه بالتأكيد لا يُساهم في تشكيل السلوك الانتخابي العام بالقدر الذي يعمل عليه عامل الاقتصاد".

بدوره، أكد الباحث والخبير السياسي حسين العلي أن الإنجازات سيكون لها تأثر على الناخب التركي، وبالأخص "الكتلة المترددة وهي الكتلة المحافظة التي ربما تتراجع عن فكرة التصويت للمعارضة".

وأضاف العلي أن الإنجازات تؤكد على ما قدمه أردوغان في العقدين الماضيين، وبطبيعة الحال تعتبر تثبيتا لقاعدته التصويتية في أقل تقدير.

المعارضة والمجهول

في المقابل، يرى علوش أن المعارضة التركية الحالية لم يختبرها الناخب التركي في السلطة، مما يجعل من الصعب تكوين انطباع إيجابي عام بأنها ستكون أكثر نجاحا من أردوغان.

وأفاد المتحدث بأنه لا يمكن إغفال شريحة من الأتراك ترغب في التغيير وتريد بديلا لأردوغان، كونها لم تعد تؤمن بتجربته الاقتصادية، مضيفا "بالنسبة لهم، فإن القفز في المجهول أفضل من الواقع الحالي".

ولفت إلى أنه "قد لا تكون هذه المقاربة صحيحة دائما. هناك سيئ قائم من وجهة نظرهم، لكنّ هناك أسوأ محتمل يُمكن أن يأتي إذا أردت التغيير. هذه المقاربة قد تخدم أردوغان جزئيا في استقطاب الأصوات المترددة غير الأيديولوجية".

بدوره، أشار العلي إلى أن "المعارضة التركية لا يوجد لديها منطق لانتقاد إنجازات أردوغان، وليس لديها رد مقنع في هذا الأمر، مما يرجح كفة الحزب الحاكم".

وفيما يلي أهم المشاريع القومية التي أعلن عنها مؤخرا في تركيا ضمن حملة أردوغان الانتخابية:

اكتشافات النفط والغاز

تعد اكتشافات الطاقة ذات أهمية في تركيا، نظرا لندرتها واعتمادها لسنوات طويلة على الاستيراد في مجال الطاقة، وهو أمر طالما كان يشكل عبئا ماديا على المواطن التركي، خاصة في موسم الشتاء نظرا للاعتماد على الغاز الطبيعي في تدفئة المنازل.

ومن أحدث الإنجازات التركية هو كشف نفطي بولاية شرناق (جنوب شرق)، حيث أعلن عنه أردوغان الثلاثاء الماضي خلال مراسم افتتاح مشاريع عدة بولاية قونية وسط تركيا.

يعد الحقل الواقع في منطقة جودي غبار الأكبر في تاريخ تركيا بقدرة إنتاجية تبلغ نحو 100 ألف برميل يوميا.

ومن المتوقع أن يسهم هذا الاكتشاف في الاقتصاد المحلي بـ2.9 مليار دولار بشكل سنوي، وسيمكن تركيا من تلبية حوالي 20% استهلاك السوق المحلي، وبالتالي تخفيض نفقات الاستيراد في مجال الطاقة.

وسيرفع الحقل النفطي الجديد القدرة الإنتاجية اليومية لتركيا من 80 ألف برميل إلى حوالي 180 ألف برميل.

غاز طبيعي مجاني

بداية من الثاني من مايو/أيار الجاري، تصدر منصة تويتر تغريدات بوسم "Karadeniz_gazımız" أو "غازنا من البحر الأسود"، حيث شارك العديد من المواطنين الأتراك فواتيرهم المجانية من الغاز الطبيعي في حالة من الاحتفاء.

وقد أوفى أردوغان بوعده بتقديم الغاز بشكل مجاني لمدة شهر بعد إعلانه يوم 20 أبريل/نيسان الماضي، بعد ربط اكتشافات الغاز في البحر الأسود بالبنية التحتية المحلية.

أتت هذه الخطوة في إطار سعي تركيا تعزيز مواردها من الغاز الطبيعي، حيث أعلنت بنهاية عام 2022 اكتشاف 170 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في البحر الأسود.

أول محطة طاقة نووية

في حفل حضره أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين يوم 27 أبريل/نيسان الماضي، دخلت تركيا نادي دول الطاقة النووية رسميا عبر محطة "أق قويو" بالوقود النووي.

المحطة الكائنة بولاية مرسين ستعمل بشكل كامل بحلول عام 2028، ومن المتوقع أن توفر 10% من متطلبات السوق المحلي للكهرباء.

وبدأت أعمال تشييد المحطة عام 2018 بواسطة روساتوم، وهي شركة حكومية روسية. وتتضمن المحطة 4 مفاعلات نووية، وتم إنشاؤها بتكلفة إجمالية تبلغ 20 مليار دولار.

وحسب تصريحات سابقة لوزير الطاقة التركي فاتح دونماز، ستتمكن المحطة من توليد 35 مليار كيلوواطا من الكهرباء سنويا، مما سيجنب تركيا استيراد 7 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي.

أول قمر صناعي محلي الصنع

أطلقت تركيا في منتصف أبريل/نيسان الماضي أول قمر صناعي محلي الصنع اسمه "إيمجه" (İMECE) من كاليفورنيا.

القمر الصناعي بغرض المراقبة، سيوفر حاجة تركيا من صور ذات دقة عالية بطول ألف كيلومتر، ويعمل في مدار على ارتفاع 680 كيلومترا.

يمكن للقمر الصناعي تزويد تركيا بصور من مختلف أنحاء العالم، وسيستخدم في العديد من المجالات منها تشخيص الأهداف والكوارث الطبيعية والمجالات الزراعية.

أول سيارة كهربائية تركية

في مطلع أبريل/نيسان الماضي تسلّم الرئيس التركي مفتاح أول سيارة كهربائية تم إنتاجها في البلاد.

تم تحديد قائمة بـ20 ألف فائز من بين أكثر من 177 ألفا تقدموا بطلبات لشراء السيارة توغ (TOGG) طراز "تي 10 إكس" (T10x).

وعُرضت السيارة "تي 10 إكس" بمدى سير عادي 314 كيلومترا بفئتين: سعر يبدأ بنحو 50 ألف دولار للفئة الأولى، و55 ألف دولار للفئة الثانية، في حين تُعرض فئة المدى الطويل 523 كيلومترا بنحو 65 ألف دولار.

الصناعات الدفاعية

برزت تركيا في عهد أردوغان كقوة إقليمية تصنع سلاحها الوطني وتصدّره، وكشف الرئيس التركي الاثنين الماضي النقاب عن اسم الطائرة المقاتلة "قان" (KAAN)، وهي من مقاتلات الجيل الخامس، وتم تجهيزها لأولى طلعاتها الجوية التدريبية.

كما كشف أردوغان مؤخرا عن أول طائرة نفاثة مأهولة محلية الصنع "حر جيت"، ونجحت أيضا تجارب المسيرة "قيزيل إلما"، وهي من الإضافات المميزة من نماذج المسيّرات، حيث يضاهي حجمها وتصميمها الطائرات المقاتلة المأهولة.

هذا بالإضافة إلى إنتاج الجيل الثاني من الدبابة التركية "ألطاي"، وإنتاج نماذج أخرى في مجال المروحيات والصواريخ والمحركات.

وفي المجال البحري أصبحت السفينة "تي سي جي أناضول" محط الأنظار، وهي بارجة قادرة على استيعاب 19 مروحية أو 30 مسيرة هجومية على سطحها، كما يمكنها حمل 94 مركبة بطاقم قوامه 1223 فردا

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!