أسامة أسكه دلي - خاص ترك برس

ذكر "غزوان المصري" رجل الأعمال، والخبير بالشؤون التركية، ذات مرة بأنّ المرافقة الخاصة بالرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" هي المرافقة الأكثر تعبا وإرهاقا من بين مرافقة باقي المسؤولين، وعزا المصري السبب في ذلك إلى النشاط الذي يتمتع به الرئيس أردوغان، الذي لا يوجد لمفردتي الكلل أو الملل مكان في قاموسه. وفي هذا السياق قال المصري: "من الممكن حتى في ساعات متأخرة من الليل، ومن دون سابق إنذار، أن يُعلم الرئيس أردوغان مرافقته بجولة يريد القيام بها، أو بأمر يستجدّ معه على حين فجأة، ولذلك تبقى المرافقة الشخصية له على أهبة الاستعداد على مدار 24 ساعة، ولأنّه قائد يحتك بالشعب بشكل متواصل، يضطر المرافقون له إلى بذل جهد كبير لحمايته.

لدى سماعي من السيد المصري ما ورد ذكره، لم أدرك بشكل جيد المعنى الحقيقي لما أراد قوله، بعبارة أخرى، لم أستطع أن أتخيل مدى النشاط الذي يتمتع به أردوغان، إلى أن سمعت القصة التي حدثت معه، جراء الوعكة الصحية التي تعرّض لها صبيحة عيد الفطر المبارك.

أردوغان من بين القادة القلة الذين استحوذوا على شعبية عالمية كبيرة، والسبب في ذلك فضلا عن مواقفه من القضايا المتعلقة بالمنطقة، يعود إلى قوّة خطاباته. ولا يخفى على أحد مدى النشاط الذي يتمتع به في هذا الصدد، حتى إنّ الملمين بالشأن التركي يدركون المعنى المراد مما أقوله، إذ من الممكن أن يجري الرئيس أردوغان في اليوم الواحد أكثر من 3 أو 4 فعاليات......وأن يتنقل في اليوم الواحد ما بين 3 أو 4 ولايات، ومرحلة الاستفتاء خير دليل على ذلك، إذ كان من السهل أن نجده يخطب في الصباح، في ولاية قهرمان مرعش، لنراه في خطاب آخر في ساعات الظهر من اليوم نفسه في ولاية غازي عنتاب، لتسمع بمشاركته في برنامج مسائي في ولاية إسطنبول بعد عودته من الحملات الدعائية.

وغالبا ما انعكس نشاط أردوغان على فريق العمل الذي يعمل معه، إذ يُقال: إنّ لدى أردوغان تقريرا يُقدّم له بشكل دوري عن الوزراء والنوّاب والإداريين التابعين لحزب العدالة والتنمية، وعن النشاطات التي يقومون بها، وعن مدى مثابرتهم وعملهم في الوظائف التي يستلمونها، وعلى أساس ذلك يتم تقييمهم من خلال أردوغان".

ما هي كواليس الوعكة الصحية التي تعرّض لها أردوغان صبيحة عيد الفطر المبارك، في تاريخ 25 حزيران / يونيو، وكيف خرج بعد دقائق من الوعكة الصحية التي وصفت بأنها كانت جدية للغاية، أمام شاشات التلفاز ليعلن أنّه سيكمل برنامجه اليومي، وكأن شيئا لم يكن؟؟؟؟!!!

" عبد القادر سيلفي" الإعلامي والكاتب لدى صحيفة حرييت التركية، ينقل كواليس صبيحة العيد، والوعكة الصحية التي تعرّض لها الرئيس أردوغان على النحو التالي:

صبيحة عيد الفطر تعرّض الرئيس أردوغان لوعكة صحية كانت جدية للغاية....

بعد المعاينة الطبية التي أجريت له، كان قد أوضح أمام عدسات الكاميرات بأنّ الوعكة الصحية التي تعرّض لها، جاءت نتيجة ضغط الدم المرتبط بمرض السكر".

في صبيحة يوم العيد أثارت الوعكة الصحية التي تعرّض لها الرئيس أردوغان الزعر لدى الشعب التركي بأسره....

شارك الرئيس أردوغان في آخر يوم من رمضان ببرنامج إفطار نُظّم بولاية "شانلي أورفا" التركية.

بعيد مشاركته في برنامج الإفطار، عاد منتصف الليل إلى إسطنبول، كان عليه أن يرتاح قليلا، إلا أنّه فعل عكس ذلك، إذ انتقل ليؤدي صلاة الفجر في مسجد المعمار سنان في حي "أتا شهير"، وذلك في تمام الساعة الـ 05.00 فجرا، صلّى الفجر مع عدد محدود من المواطنين الذين قدموا لتأدية الصلاة جماعة في المسجد. كان قد بقي لصلاة العيد ساعة وعشرون دقيقة. رئيس الجمهورية يُعلم مرافقيه بأنّه يريد أداء صلاة العيد في المسجد ذاته، بعيد الانتهاء من الصلاة، ينتقل أردوغان إلى مقصورة المؤذن، الموطنون الذين قصدوا المسجد لتأدية صلاة العيد يتناقلون بأنّ أردوغان في المسجد، بين الحين والآخر يلتف أردوغان يمنة ويسارا ويلقي التحية على المصلين من حوله....

وفي تمام الساعة السادسة يتمايل شيئا فشيئا ليوشك أن يسقط على جهته اليسرى وهو يردد "الله، الله، الله"، لم يفهم من حوله للوهلة الأولى  ما حدث، مدير المرافقة الشخصية لديه "محسن كوسيه" يحول دون سقوطه على الأرض، وينادي على الفور للفريق الطبي، بأقل من دقيقة يحضر الفريق الطبي ويبدأ بمعاينة الرئيس أردوغان....

في تلك الأثناء، يبدأ المواطنون الذين حضروا إلى المسجد، وأدركوا ما حدث للرئيس أردوغان، بالتكبيرات، ويبدؤون بالنهوض من أماكنهم.....البعض يكبّر والبعض يبكي والبعض الآخر يدعو، صيحات المواطنين اختلطت بالتكبيرات... الفريق الطبي يعاين الرئيس أردوغان في داخل المسجد لمدة 15 دقيقة، يعلّقون له السيروم، بعد مرحلة من المعاينة، يُنقل أردوغان بوساطة النقالة إلى القسم السفلي من المسجد..... وما إن بدأت الأخبار المطمئنة عن صحة الرئيس بالوصول إلى القسم العلوي، حتى شرع المواطنون إلى إطلاق التكبيرات من جديد ابتهاجا......

الجميع يعلم ما حدث بعد ذلك، إذ خرج السيد الرئيس بعد وعكة صحية جدية للغاية أمام عدسات الكاميرات، وقال مطمئنا عن وضعه الصحي: "اليوم في تمام الساعة 14.00 سأكون في مركز المؤتمرات في منطقة أيوب، للمشاركة في برنامج تبادل تهاني العيد".

بمعنى آخر، يخبر أنّه سيواصل برنامجه الموضوع ليومه ذلك، وكأنّ شيئا لم يكن وكأنه ليس هو الذي تعرّض للوعكة الصحية، التي وصفت بأنها جديّة للغاية.

عن الكاتب

أسامة أسكه دلي

محرر أخبار لدى ترك برس


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس