سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

روسيا وعلى اعتبار أنّها من إحدى الدّول التي تتحكّم بمصادر الطّاقة في العالم، قامت بخطوة هامّة عندما ألغت مشروع خط غاز التّيار الجنوبي.

فالرّئيس الرّوسي فلاديمير بوتين خلال زيارته القصيرة إلى العاصمة التركيّة أنقرة، أعلن أنّ الدّولة الرّوسية ألغت هذا المشروع الذي من خلاله كانت القارّة الأوروبّية ستتغذى من الغاز الروسي. وبهذه الحملة المفاجئة، أخرج الرئيس بوتين دولة بلغاريا من لعبة الطّاقة وأقحم الدّولة التركية كلاعب رئيسي على السّاحة العالميّة.

حتى أنّ الأتراك تفاجؤوا بهذه الحملة الرّوسية، حيث أنّهم لم يكونوا يتوقّعون تبنّي مثل هذا الدّور الفاعل في لعبة الطّاقة العالميّة.

الشّراكة بين تركيا وروسيا في مجال الطّاقة ليست جديدة، حيث أنّ الجارتان قد نجحوا في تنفيذ خط الغاز المسمّى بالتّيار الأزرق من قبل. لكنّ التّعاون الحالي يختلف عن سابقاته. فقرار الرئيس الروسي بوتين بتحويل مجرى خط الغاز "التّيار الجنوبي" من بلغاريا إلى تركيا، سيساهم في تأمين احتياجات تركيا من الغاز وستكون تركيا مركزاً لتوزيع الغاز الرّوسي إلى القارّة الأوروبّية.

ما هي احتمالات نجاح هذا المشروع؟

أبدت الدّولة التركية قبولها لهذا المشروع مبدئياّ، إلّا أنّ المشروع لم يدخل حيّز التنفيذ بعد. فمن المتوقّع أن يجتمع المعنيّون من الطّرفين لمناقشة السّبل التّقنيّة لهذا المشروع.

وبالإضافة إلى مناقشة الطّرفين الجوانب التّقنيّة لهذا المشروع، فإنّهم سوف يقيّمون ردود الأفعال الدّوليّة فيما يخصّ المشروع وخاصّة الموقف الأوروبي.

فالأوروبيّون على الرغم من تصريحاتهم التي تفيد بأنّ التّصرف الروسي هذا ناتج عن تضعضع الاقتصاد الروسي نتيجة تأثير العقوبات المفروضة عليه، إلّا أنّهم غير راضين عن هذا الإجراء المتّخذ.

يهدف الأوروبيّون إلى تخليص قارّتهم من السيطرة الروسية على الغاز، أي أنّهم يريدون تخليص القارة من الاحتكار الروسي في مجال الطاقة، وإيجاد مصادر وخطوط نقلٍ بديلة تغنيهم عن الغاز الروسي. ولهذا السّبب فإنّ الدّول الغربية تسعى الآن لتطوير بعض المشاريع التنمويّة في مجال الطّاقة.

تحتل الدّولة التركية عادةّ مكاناً مرموقاً في مجال الطّاقة. فالموقع الجغرافي الذي تتمتّع به هذه الدّولة، يجعلها مركزاً للتّوزيع وممرّاً هاماً لا يمكن الاستغناء عنه.

إلى جانب المشروع الروسي، هناك مشروع أخر، تعمل الدّولة التركية على إنجازه بأقصر وقت ممكن وهو مشروع خط أنبوب الغاز (TANAP) الذي سينقل الغاز من أذربيجان عبر الأراضي التركية إلى اليونان ومن هناك إلى إيطاليا وباقي الدّول الأوروبية. ويبلغ طول هذا الخط ما يقارب 1800 كليومتر.

فتركيا بدأت بأعمال الحفر في أراضيها منذ اليوم الأول من توقيع الاتّفاقيّة مع أذربيجان.

وممّا لا شكّ فيه أنّ الدّول الغربية سوف تفضّل مشروع (TANAP) على المشروع الروسي. لأنّ الخبراء في هذا المجال يعتقدون أنّ هذا المشروع من شأنه أن ينقذ العالم الغربي من الغاز الروسي ومن تحكّم الروس بالغرب من خلال مصادر الطّاقة.

لكن السّؤال المهم هنا؟ أنّه في حال الانتهاء من تنفيذ المشروع الروسي قبل مشروع (TANAP) فستقوم روسيا بضخّ الغاز إلى القارة الأوروبّية مباشرةً. عندها ماذا سيكون مصير المشروع التركي الأذربيجاني؟؟؟

فالبعض يعتقد أنّ المشروع الروسي سيضرّ بمشروع (TANAP) وسيغني الأوروبيين عنه، والبعض الآخر ومنهم وزير الطّاقة التركي تانير يلدز، يقول بأنّ المشروعان سيكلّلان بالنّجاح.

وعلى ما يبدو أن لعبة الطّاقة العالميّة، ستكون مثيرةً للدّهشة.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس