ترك برس

سلّط تقرير صحفي الضوء على تصريح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عن جماعة "السلفيين المداخلة" التي تقاتل في صفوف الإنقلابي خليفة حفتر، في ليبيا.

في مقال كتبه لصحيفة "بوليتيكو" الغربية، قبل مؤتمر السلام الذي انعقد في برلين، أشار أردوغان إلى أن جماعة المداخلة تشاطر الأيديولوجية مع المنظمات الإرهابية.

وحذّر أردوغان من أن المنظمات الإرهابية التي انهزمت في سوريا والعراق، يمكن أن تجد بيئة خصبة في ليبيا لتنهض من جديد، "فمن المعروف أن هناك مجموعات في صفوف حفتر تشاطر الأيديولوجية مع المنظمات الإرهابية، مثل المداخلة".

وفي وقت سابق، دعت اللجنة العليا للإفتاء التابعة لقوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، إلى وجوب صد ما أسمته بـ"العدوان التركي". وفق تقرير لصحيفة "عربي21".

ووصفت التدخل العسكري التركي في ليبيا بـ"العدو الصائل المتفق على وجوب قتاله بالكتاب والسنة والإجماع، حتى لو كان الصائل مسلما".

ووفقا لمراقبين فإن اللجنة العليا للإفتاء المذكورة تنتمي إلى السلفية المدخلية، المعروفة بفكرتها المركزية المتمثلة بوجوب طاعة أولياء الأمور، وتحريم الخروج عليهم أو الإنكار العلني على سياساتهم وقراراتهم، لذا فإنها  تعتبر اللواء خليفة حفتر ولي أمر شرعيا تجب طاعته، ويجب القتال تحت رايته.

الداعية السلفي المغربي، حسن الكتاني أرجع تأييد مداخلة ليبيا لقوات حفتر، إلى ما يؤمنون به من كون حفتر هو لي الأمر الشرعي الذي تجب طاعته، وبالتالي يجوز له الاستنجاد بمن يشاء، ولا حرج عليه في ذلك. وفق "عربي21".

وقال "من المعروف عن المداخلة أنهم يدورون مع ولي الأمر الذي يصفونه بالشرعي حيث دار، ويتأولون له كل ما يفعله، ويجعلونه موافقا للشرع، وفي المقابل لا يعذرون من يخالفه، بل يضللونه ويفسقونه ويكفرونه، ويستحلون دمه".

وعن اعتبار مداخلة ليبيا التدخل التركي عدوانا يجب التصدي له، في الوقت الذي سكتوا فيه عن كل التدخلات السابقة والتي كان آخرها التدخل الروسي، ذكر الكتاني أن بعض مشايخهم عيَّروا رئيس حكومة الوفاق فايز السراج بأنه تركي الأصل، وهم يتهمونه بالخيانة والعمالة لتركيا".

وأضاف "فهم بناء على أصلهم من اعتبار حفتر هو ولي الأمر الشرعي، وكل ما خالفه وخرج على حكمه فهو خارجي خائن، كان موقفهم تأييد حفتر في استدعاء القوات الأجنبية المختلفة، واستنكار استدعاء القوات التركية بوصفها عدوا صائلا يجب مواجهته والتصدي إليه".

من جهته أوضح الناشط الحقوقي السعودي، سلطان العبدلي أن منبت "المدخلية أو الجامية" كانت في السعودية، وهي صاحبة طاعة ولي الأمر مطلقا، وتحريم الخروج عليه، وقد كان ظهورها في أول الأمر لـ"مواجهة الصحوة الإسلامية في السعودية، بمعنى التصدي لفكر ديني بفكر ديني آخر".

وأضاف "هذا التيار معروف بصلته الوثيقة بوزارة الداخلية وأجهزة المباحث، ولدينا ما يوثق قيام مشايخهم الكبار بكتابة التقارير إلى أجهزة المباحث والمخابرات، وكثير منهم رجال مخابرات بلحى، وبثوب قصير، وبخطاب ديني ينسبونه للدعوة الوهابية والسلفية".

وحول وقوفهم واصطفافهم مع أنظمة الفساد والاستبداد، واستحلال قمع المخالفين إلى درجة استحلال دمائهم، لفت العبدلي إلى "أنهم انطلاقا من إيمانهم بأن الحكام في تلك الأنظمة أولياء أمور، فإن من يخالفهم وينازعهم يكون ضالا خارجيا خائنا، مستباح الدم والمال والعرض، ويجب قتاله"، على حد قوله.

وبدوره رأى الباحث والأكاديمي المغربي، فؤاد هرّاجة أن "المدخلية في ليبيا انطلاقا من مبادئهم في وجوب طاعة ولي الأمر، ومحاربة الحركات الإسلامية، وتبديع وتكفير كل المخالفين لهم حتى من الدائرة السلفية ذاتها، فإنهم تمكنوا من التوغل في كل مفاصل المجتمع، كما استطاعوا اختراق معظم التنظيمات على تباين مواقفها".

وواصل حديثه بالقول "فالمتتبع سيجد أن المداخلة ناصروا القذافي قبل وأثناء الثورة، من سنة 2003 إلى سنة 2011، وكان يسوسهم الساعدي القذافي، ثم نجدهم غرب ليبيا يدافعون عن طرابلس كشرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويجدهم في سرت مع حكومة السراج ثم ينقلبون عليه، ويسلموا المدينة لحفتر".

وأضاف "ثم تجدهم يقاتلون مع حفتر، وفوق كل هذا وذاك فإن تبعيتهم للسعودية لا شبهة فيها، فشيخهم ربيع بن هادي المدخلي مقيم بالمدينة المنورة، وفيها غرفة العمليات الاستبخاراتية التي تخرج منها كل القرارات والمواقف".

وتابع هرّاجة "يمكننا فهم تأييد المداخلة للتدخل الأجنبي الروسي الفرنسي المصري الإماراتي.. في ليبيا، ورفض التدخل التركي، ذلك أن النظام السعودي وبتوافق مع النظام المصري راض على خليفة حفتر، وساخط على حكومة السراج الشرعية، ناهيك عن العلاقة المتجمدة بين تركيا والسعودية جراء قضية خاشقجي".

وأشار إلى أن "كل هذه المعطيات وغيرها مما يتعلق بتضارب المصالح الاقتصادية، يدفع صناع القرار في السعودية إلى جعل مداخلة ليبيا يكيلون بأكثر من مكيال، فتارة يكون التدخل الأجنبي مقبولا ونعمة إن كان من الحلفاء، وتارة يصبح غزوا خارجيا من أعداء الأمة إن كان من غير حليف كتركيا".

ولاحظ هرّاجة أن حالة مَداخلة ليبيا تظهر "أننا أمام تجارب منسوخة طبق الأصل لتوظيف تنظيم القاعدة في أفغانستان واليمن والصومال والعراق، وأيضا تنظيم الدولة (داعش) في العديد من الدول التي شهدت الربيع العربي، ربما خصوصية ليبيا وموقعها الجغرافي المطل والمحاذي للجنوب الأوروبي والمصالح الأجنبية لا تسمح للاستخبارات الدولية بتوظيف داعش في المنطقة".

وأردف "لأنه سيخيف الإنسان الأبيض، لهذا اكتفت بنموذج داخلي مصغر متمثلا في الميليشيا المدخلية، وبنفس وسائل داعش حيث القتل والحبس والاستيلاء على المناطق والتحكم في النفوذ، ومصادر الطاقة".

ولفت في ختام كلامه إلى أن كل ما سبق ذكره "يجعل تجييش الناس عبر الإفتاء في ليبيا من طرف المداخلة واجب سياسي وعقدي، بل معركة وجود قبل أن تكون معركة حدود".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!