ترك برس

تتباين الآراء حول أبعاد تحول المواطنين السوريين إلى استخدام الليرة التركية بدلًا من السورية في المناطق المحررة شمالي البلاد.

تقول وكالة رويترز في تقرير لها إن حسام شمو، وهو خباز في شمال سوريا، توقف الشهر الماضي عن بيع الخبز بالليرة السورية بعد أن أجبره التراجع الأحدث في العملة على رفع الأسعار مرة أخرى.

ومقتديا بالمجلس المحلي في مدينته أعزاز والذي اقترح التخلي عن العملة السورية عندما تراجعت إلى خمسة بالمئة من قيمتها قبل الحرب، بدأ شمو التعامل مع عملائه بالليرة التركية. وفق رويترز.

وتضيف الوكالة: "الخطوة خطوة عملية. فالعملة التركية مستقرة نسبيا. ويبيع شمو الآن حزمة الأرغفة مقابل ليرة واحدة، متخليا عن السعر المتقلب الذي كان بمئات الليرات السورية".

لكن التحول إلى استخدام الأموال التركية - وفق رويترز - يعد علامة أخرى على تنامي نفوذ أنقرة في منطقة من شمال سوريا انتزعت القوات التركية وحلفاؤها بالمعارضة السورية السيطرة عليها من قبضة مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" قبل ما يزيد على ثلاث سنوات.

وبينما تدخل القوات التركية في مواجهة مع قوات النظام بمحافظة إدلب المجاورة، معقل المعارضة المعزول الذي يقطنه ما يقدر بثلاثة ملايين نسمة، فإن الوجود التركي في المنطقة الحدودية السورية يتمدد شرقا في هدوء.

وفي مدن مثل أعزاز والباب وجرابلس، التي سيطرت عليها تركيا خلال عملية عسكرية في 2016، يدرس الأطفال اللغة التركية في المدارس بينما تفتح الجامعات التركية فروعا لها. وساهمت تركيا في إعادة بناء مستشفى وفي تدريب الشرطة.

وصار السوريون في أعزاز يدفعون الآن ثمن الخبز اليومي وغاز الطهي والملابس، وحتى الحلي الذهبية، بالعملة التركية. 

وقبل اندلاع الصراع السوري في 2011، كان الدولار يعادل 47 ليرة سورية لكن الليرة ظلت تهوى حتى وصلت قيمة الدولار الواحد إلى ألف ليرة الشهر الماضي.

وفي الوقت الذي هددت فيه حكومة دمشق بإصدار أحكام بالسجن على أي شخص يستخدم عملة أجنبية في المعاملات التجارية، اتخذت السلطات المحلية في أعزاز وجهة النظر المعاكسة واختارت ما اعتبرته نعيم الدولار والليرة التركية.

وقال شمو "كنا نعاني في هذه المنطقة... من الصعود والهبوط وعدم استقرار الليرة السورية... اتخذت المجالس المحلية في أعزاز ومحيطها هذا القرار استنادا إلى الواقع الذي نشهده".

وأوضح شمو أن الزبائن يستفيدون من هذا الترتيب الجديد لأن سعر الخبز بالنسبة لهم صار ثابتا كما أصبحت الحسابات في المخبز البلدي أيسر. وقال "لا نتعامل بالدولار أو أي عملة أخرى باستثناء التركية".

بدأت كذلك شركات أخرى في أعزاز التي تقع على بعد حوالي ستة كيلومترات جنوبي الحدود التركية في استخدام الليرة التركية، بما في ذلك متاجر الملابس وتجار الجملة.

وقال الصائغ فوزي كانو إن انخفاض قيمة الليرة السورية أدى إلى احتياج الناس لعدد كبير جدا من الأوراق النقدية لأعمالهم التجارية وهو ما دفعهم لحمل المال في أكياس القمامة.

وأضاف "اعتماد الليرة التركية ليس مسألة تقارب مع تركيا، بل نعمل فقط على تحسين الاقتصاد"، مشيرا إلى أنه سيعود إلى التعامل بالليرة السورية إذا ظهرت علامات على استقرارها.

ويرى آخرون أهمية سياسية أكبر في التحول لاستخدام الليرة التركية. وقال الشرطي أحمد مصطفى (35 عاما) إن استخدام الليرة أكد الدعم الذي قدمته تركيا للمنطقة.

وأرسلت تركيا قوات إلى شمال سوريا ثلاث مرات منذ 2016، كان آخرها لدفع مقاتلي "وحدات حماية الشعب - YPG" للتقهقر بعيدا عن منطقة الحدود الشمالية الشرقية لسوريا.

ويصف النظام السوري الوجود العسكري التركي بـ"الاحتلال"، ويتهم أنقرة بأن لها طموحات استعمارية في المنطقة.

ويقول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن بلاده لا ترغب في احتلال أي جزء من سوريا لكنها تحاول تهيئة الظروف لبعض اللاجئين السوريين على أرضها حتى يتمكنوا من العودة إلى وطنهم. وتستضيف تركيا حاليا 3.6 مليون لاجئ سوري.

وقال الشرطي مصطفى إن الدعم التركي كان له أثر أعمق. وأضاف "تركيا هي الأقرب لنا، وقد وفرت لنا تركيا الحماية... إنها تساعد في إقامة دولة لنا في هذه المنطقة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!