سامي كوهين – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس

ممّا لا شكّ فيه أنّ كلّ من تابع قبل يومين عبر شاشات التلفاز تلك المعاناة التي يعيشها اللاجئين السوريين أثناء انتقالهم من اليونان إلى مقدونيا، شعر بتأنيب الضمير. وكأنّ معاناة الانتقال من تركيا إلى اليونان لا تكفيهم، حتّى اصطدموا بمعاناة أشد وأمر عندما حاولوا دخول الأراضي المقدونية قادمين من اليونان. فالشرطة المقدونية استخدمت الغاز المسيل للدموع ووسائل أخرى من أجل منعهم تجاور الأسلاك التي تفصل حدودها مع اليونان.

والواضح أنّ الحكومة المقدونية أُرغمت على فتح أبوابها أمام سيل اللاجئين بعد أن تناقلت وسائل الإعلام العالمية مأساة اللاجئين العالقين على حدودها. وعقب سماح السلطات المقدونية لهؤلاء اللاجئين بدخول أراضيها، تدفق النازحون إلى محطات القطار للعبور إلى صربيا ومن هناك إلى المجر. وفي حال تمكّن اللاجئون من دخول المجر، سيكون الطريق ممهّدًا أمامهم للعبور إلى ألمانيا وفرنسا والسويد. فالغاية الأساسية لهؤلاء النازحين هي الوصول إلى هذه الدّول. لكن هل سيتمكّنون من تحقيق هذه الغاية وكيف سيتمكّنون من تحقيق ذلك؟. هذا أمر مجهول إلى الآن. فالسلطات المجرية بدأت منذ اللحظة بإنشاء جدار عازل على حدودها مع صربيا لمنع تدفق اللاجئين إلى أراضيها.

لماذا يهاجر هؤلاء اللاجئون؟

الإعلام العالمي، بدأ خلال الأيام الأخيرة بتداول مأساة اللاجئين العالقين في مقدونيا، مع العلم أنّ طريق اللاجئين إلى القارة الأوروبية لا يقتصر على الحدود المقدونية فقط. إنما هناك العديد من الطرق المؤدية إلى هذه القارة. ومن تلك الطرق التي استخدمها آلاف النازحين من القارة الأفريقية ودول منطقة الشرق الأوسط للعبور إلى أوروبا، هو طريق البحر الأبيض المتوسط وعبر ليبيا، حيث استخدم آلاف النازحين طريق البحر من ليبيا للوصول إلى إيطاليا. فخلال الأشهر الأخيرة قام الآلاف من الأفارقة والمهاجرين من دول منطقة الشرق الأوسط بالهجرة عبر هذا الطريق، لكن وللأسف مات الكثير الكثير منهم قبل الوصول إلى إيطاليا.

هؤلاء اللاجئون وضعوا نصب أعينهم كافة الاحتمالات من أجل الوصول إلى القارة الأوروبية، وذلك لما لاقوه من معاناة وآلام في بلدانهم. فمنهم من يهاجر بسبب الحرب الدائرة في بلاده، ومنهم من يريد الخلاص من الضغوطات التي تُمارس عليهم من قِبل سلطات بلادهم. ومنهم أيضاً من يبتغي تحسين أوضاعه المعيشية بسبب الفقر الذي يعانيه في بلده الأم.

إنّ الميزة الأساسية لموجة النزوح هذه أنها بدأت من القارتين الأسيوية والافريقية. والميزة الأخرى أنها اتجهت نحو القارة الأوروبية، لا سيما أنّ أغلبية المهاجرين نراهم يقصدون الوصول إلى الدّول الأوروبية التي تتمتّع باقتصاد قوي، وعلى رأس هذه الدّول ألمانيا. والغريب أنّه لا يمكن أن تجد أحدًا من هؤلاء اللاجئين، يفكّر في الهجرة إلى دول الجوار التي تتمتّع بالغنى في الثروات الباطنية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات، على الرغم من رابط اللغة والثقافة المشتركة.

والخاصية الأخيرة التي ظهرت مؤخرًا، هي أنّ جزء كبير من هؤلاء النازحين لا ينوون العودة إلى ديارهم، بل يقصدون البقاء في البلدان التي يصلون إليها. وإنّ هذا الأمر يقلق سلطات البلدان التي يقصدها النازحون.

عن الكاتب

سامي كوهين

كاتب في صحيفة ملييت


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس