ترك برس

يعود استخدام  المدفعية أول مرة في أوروبا إلى النصف الأول من القرن الرابع عشر. وقد استخدمت القوات الصربية المدافع التي تم إنتاجها عام 1389 من قبل شعب مدينة دوبروفنيك التي تتبع اليوم كرواتيا في حرب كوسوفو التي جرت عام 1389 ضد الدولة العثمانية.

ويذكر المؤرخون أن المدافع وصلت إلى الأراضي العثمانية عبر قنوات البلقان، وتم استخدامها من قبل السلطان يلدريم بايزيد إبان حصار القسطنطينية عام 1391، ومن قبل السلطان مراد الثاني أثناء حصار إسطنبول عام 1422، وفي محاصرة سالونيك عام 1430 أيضا.

بعد تشكيل فرقة الانكشارية "يني تشيري"، وهي من أقوى فرق الجيش العثماني في فترة حكم السلطان مراد الأول، أسست فرقة المدفعية "الطوبجية" (Topçu Ocağı) في القرن الخامس عشر. وكانت هذه الفرقة تتكون من صفين، الصف الأول من مستخدمي المدفع والثاني الجنود المختصون بصناعة قذائف المدفع، وكان عدد الجنود هناك يتغير من آن لآخر.

بعد فتح القسطنطينية على يد السلطان محمد الفاتح، و بأمر منه تم إنشاء "طوب خانة عامرة"، وتعني مخزن مدافع الجيش العثماني المحاط بأسوار عالية مثل القلعة. وفي عهد السلطان سليم الثالث تم توسيع هذا البناء، ولكن جزءًا كبيرًا منه تعرض للحرق. وبعام 1823 في عهد السلطان محمود الثاني تمت إعادة ترميمه من جديد.

كان أهم قسم في طوب خانة هو مصنع صناعة قدائف المدفع، حيث كان الموظفون يعملون باهتمام كما لو أنهم يمارسون إحدى أنواع الفنون في مجال المدافع. وكان العمال هناك يبدؤون عملهم مثل الطلاب، ومع مرور الزمن يصبحون متدربين فمساعدين فخبراء، وبعدها يصلون لمرتبة "رئيس الخبراء".

في مصنع صناعة قذائف المدافع، كانت هناك بوتقتا مدفع مصنوعتان من طوب حراري. أما قوالب المدفع فكانت مصنوعة من أربعين أو خمسين مقدارا من بياض البيض كانت توضع في البوتقة. وفي لحظات صناعة أول المدافع، حضر كل الموظفين والخبراء إلى طوب خانة، كما تمت دعوة الصدور العظام وشيوخ الإسلام وقاضي العسكر في الدولة العثمانية، ليشاهدوا لحظة سباكة المدافع. وبعد الدعاء وقراءة سورة الفاتحة على أرواح الخبراء والمتدربين الذين استشهدوا هناك، ومع قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم" بصوت عال جميعا، أشعلت نيران الأفران لسباكة أول المدافع.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!