جلال سلمي - خاص ترك برس

يقول أحد الصحافيين الأتراك الذين سنحت لهم الفرصة زيارة بعض الدول العربية في الفترة الأخيرة بأن الكثير من المواطنين العرب يجهلون رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو وأن من يعرفه حتى لا يعرف عنه سوى أنه رئيس وزراء، ويبدو أن السبب يعود إلى الظل الإعلامي الضخم لرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان الذي قاد تركيا كرئيس حكومة تنفيذية لمدة 13 عام عمل خلالها على إنجاز الكثير من المشاريع والتغيرات والتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية والإعلامية الأمر الذي جعل له ظل يخفي من يأتي من بعده لسنوات طويلة.

يشهد التاريخ بأن أردوغان له دور كبير في إحداث التغيرات الجذرية في مجالات وقطاعات متنوعة ولكن يشهد التاريخ أيضًا بأن المُنظر والمهندس الأساسي لهذه التغيرات هو البروفسور الدكتور رئيس وزراء تركيا حاليًا أحمد داود أوغلو.

وُلد أحمد داود أوغلو بتاريخ 26 شباط/ فبراير 1959 في بلدة تاش كانت التابعة لمدينة قونيا، أنهى مرحلته الابتدائية والإعدادية في مسقط رأسه وبسبب درجات النجاح الباهرة التي حققها منحته وزارة التربية والتعليم التركية منحة تعليمية لدراسة الثانوية العامة في مدرسة إسطنبول للمتفوقين، بعد إنهاء المرحلة الثانوية حصل عام 1983 على منحة تعليمية في جامعة بوغازيتشي العريقة ودرس بها العلوم السياسية والعلاقات الدولية، وبعد إنهائه لمرحلة البكالوريوس أكمل في نفس الجامعة مرحلة الماجستير في مجال إدارة المؤسسات الحكومية وبعدها أنهى مرحلة الدكتوراة في مجال العلوم السياسية والعلاقات الدولية.

بعد إنهاء رحلته الدراسية بدأ العمل عام 1990 في قسم العلوم السياسية التابع لجامعة ماليزيا الإسلامية الدولية، وفي عام 1995 عاد لتركيا وعمل في قسم العلاقات الدولية التابع لجامعة مرمرة في إسطنبول، كما عمل ككاتب مقالات تحليلية في جريدة يني شفق وعمل أستاذًا مشاركًا في كلية القوات المسلحة، وفي عام 1999 انتقل إلى جامعة "بي كانت" وأسس قسم العلاقات الدولية بها وأصبح رئيس القسم عام 2009.

تولى منصب وزارة الخارجية عام 2009 على الرغم من أنه لم يكن نائبًا في البرلمان، واستمر حتى عام 2014 في منصب وزارة الخارجية، وفي 19 آب/ أغسطس 2014 أصبح زعيم حزب العدالة والتنمية بالإجماع وبالتالي أصبح رئيس الوزراء التركي.

ـ كتب أحمد داود أوغلو:

لأحمد داود أوغلو عدة كتب ونظريات سياسية قوية جعلته في قائمة المفكرين العالميين المئة في عصرنا الحالي، وعلى الرغم من عدم التحاقه بالحكومة التركية الحالية منذ عام 2002 إلا أن عددًا من مبادئ السياسة التركية الداخلية والخارجية في الفترة الحالية اقتُبِست من كتبه ونظرياته، ويمكن ذكر كتب داود أوغلو وإعطاء نبذة تعريفية عنها بالشكل التالي:

ـ العمق الاستراتيجي: موقع تركيا العالمي: كتاب داود أوغلو الخاص بالسياسة الخارجية التركية، يبحث السياسة العالمية بعد انتهاء الحرب الباردة ويناقش موقع تركيا الحالي والواقعي والمثالي لتركيا في هذا النظام، ويصور أحمد داود أوغلو موقع تركيا بدمجه بموقع الدولة العثمانية القديم العريق والممتد لمساحات جغرافية واسعة، كانت الدولة العثمانية تلعب دورًا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وفكريا وحضاريًا كبيرًا بها، ويضع داود أوغلو في هذا الكتاب بعض الخطط النظرية والتطبيقية لإعادة التاريخ المجيد والتليد لتركيا وريثة الدولة العثمانية وجعلها من الدول القوية عالميًا، وسياسة الانفتاح والتنوع في المجالات والتعدد بالأوجه المُتبعة اليوم من قبل الحكومة التركية معظم مبادئها مقتبسة من كتاب العمق الاستراتيجي لداود أوغلو وأشهر هذه المبادئ "تصفير المشاكل"، و"العمل النشط في المؤسسات والمنظمات الدولية الإقليمية والدولية"، و"تنويع التحالفات"، و"المساواة بين الواقعية والعاطفة" وغيرها الكثير من المبادئ.

نُشِر هذا لكتاب بتسع لغات من ضمنها اللغة العربية.

ـ الأزمة العالمية: خطابات 11 سبتمبر: كتب داود أوغلو هذا الكتاب عقب تفجيرات 11 سبتمبر التي أصابت برجي التجارة في الولايات المتحدة الأمريكية، يتحدث داود أوغلو في هذين الكتابين عن عدة مواضع وهي الأبعاد الفلسفية والاستراتيجية لتفجيرات 11 سبتمبر والأزمة الفكرية العالمية بين الغرب والمسلمين وتأثير هذه الأزمة على تركيا وإمكانية تحدي تركيا لهذه الأزمة والعولمة وآثارها الإيجابية العديد والهائلة لتركيا وتطورها وإمكانية تحول التفرق الحضاري بين الغرب والشرق إلى غناء حضاري.

نُشر هذا الكتاب باللغتين التركية والإنجليزية.

ـ المعرفة والعلم والإسلام: يتحدث داود أوغلو في هذا الكتب عن العلاقة الفلسفية بين المعرفة والعلم والإسلام ويدحض داود أوغلو النظريات والادعاءات التي تدعي بأن الإسلام يعادي الانفتاح على العلم والفلسفة والتطور والتقدم ويستحضر العديد من الأدلة النظرية والعملية على حث الإسلام على طلب العلم والمعرفة والتطور والفلسفة والتقدم.

نُشر هذا الكتاب فقط باللغة التركية ويُتوقع ترجمته للغتين العربية والإنجليزية في نهاية العام.

ـ من النظريات إلى التطبيق: يبين داود أوغلو في هذا الكتاب بأن هناك عدة حضارات عاشت عبر التاريخ وشكلت تاريخًا إنسانيًا مشتركًا، وبعض هذه الحضارات كان لها تاريخ عريق وقديم ويؤكد داود أوغلو بأن تركيا أحد الدولة الوريثة للعديد من الحضارات العريقة والقوية مثل الحضارة الأعوزية والحضارة الغوك تركية والحضارة السلجوقية والحضارة العثمانية وكما أن تركيا في موقع جغرافي فريد من خلاله يمكن لها بأن تصبح أحدى الدول العريقة والعظمى في العالم ولكن كل ماتحتاجه هو تسيير النظريات التاريخية والجغرافية من خلال الأنشطة التطبيقية الناعمة التي تستعمل التاريخ الرابط لتركيا بالعديد من الشعوب الأخرى وخاصة شعوب الشرق الأوسط وشعوب وسط أسيا، ويدعو داود أوغلو من خلال هذا الكتاب للاستخدام العديد من الأنشطة التطبيقية الناعمة المعتمدة على التاريخ التليد لتركيا ويذكر بأن المسلسلات التاريخية والمؤتمرات الثقافية والمنح التعليمية التدريسية لطلاب وطالبات هذه الشوب وغيرها من المبادئ التي تُرجع القوة التاريخية العميقة والواسعة لتركيا وبالتالي تجعلها دولة ذات كيان سياسي مؤثر قوي كما في السابق وهذه المبادئ التي ذٌكرت تشكل الأسس التطبيقية للسياسة الخارجية التركية الناعمة في وقتنا الحالي.

نُشر هذا الكتاب باللغة التركية فقط.

ـ تحول التاريخ: اشترك في تأليفه أحمد داود أوغلو وإلبار أورتايلي أشهر أكاديمي تاريخي في تركيا، يتحدث الكتاب عن التحول التاريخي لليهود بمعنى تحولهم من أذلاء ضعفاء إلى أقوياء مسيطرين ويطرح الكتاب بعض الأفكار الأساسية مثل: كيف يجب قرأت التاريخ اليهودي وتأسيس الدولة اليهودية؟ العلاقات التركية اليهودية عبر التاريخ، العداء والحقد الأوروبي لليهود وسياسة الدولة العثمانية تجاه اليهود، حقيقة المقولة اليهودية "أرض الله الموعود"، دور اللوبي اليهودي في العلاقات التركية اليهودية.

نُشر هذا الكتاب باللغة التركية فقط ويُتوقع نشره باللغة العربية والإنجليزية في نهاية هذا العام.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!