ترك برس

أبدت بعض الأوساط في روسيا مخاوفها من احتمال قيام تركيا بنسخ أحدث التقنيات العسكرية الروسية، وبالتالي حصول حلف شمال الأطلسي (ناتو) على نماذج منها، وذلك على خلفية الإعلان عن توقيع صفقة صواريخ "إس-400" الدفاعية بين موسكو وأنقرة.

وتعد منظومة صواريخ "إس 400" مضادة لطائرات الإنذار المبكر، وطائرات التشويش، وطائرات الاستطلاع، كما أنها مضادة أيضًا للصواريخ البالستية متوسطة المدى.

موقع "برافدا.رو" الروسي، نشر تقريرًا للكاتبة "لوبوف ستيبوشوفا"، يتناول انتقاد بعض الوطنيين الروس سلطات بلادهم بسبب بيعها تركيا منظومة الدفاع الجوي الصاروخي "إس-400"، واعتبارهم ذلك "خيانة للمصالح القومية"، بحسب وكالة "روسيا اليوم".

في حين أن المستفيدين المفترضين بشخص صحيفة "نيويورك تايمز"، ينشرون مقالا تحت عنوان "تركيا تعقد صفقة صواريخ مع روسيا وتُعرض عن الناتو".

جاء في مقالة "نيويورك تايمز" إن "هذه الصفقة جاءت تتويجا للتقارب التركي–الروسي الأخير. ويجب أن تثير القلق في واشنطن وبروكسل، حيث يجهد المسؤولون هناك للإمساك بتركيا –العضو القديم في حلف شمال الأطلسي، والمرشح المستبعد على نحو متزايد من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي - من الوقوع تحت تأثير النفوذ الروسي.

كما يعتقد مؤلفا المقالة الأمريكية أن أردوغان وقَّع هذه الصفقة بسبب علاقته المستمرة في التدهور مع الغرب، سواء مع الجانب الأمريكي أو الأوروبي منه. حتى أن الحكومة الألمانية تدرس مسألة إدراج تركيا في قائمة البلدان، التي يمكن أن تشكل تهديدا لأمن الدولة الرائدة في أوروبا.

تقرير الموقع الروسي، أورد تأكيد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أثناء عودته من كازاخستان، أن أنقرة سددت الدفعة الاولى المترتبة عليها من ثمن صواريخ "إس-400" الروسية. وأضاف أن روسيا وتركيا "ستقومان بالإنتاج المشترك" لهذه الأنظمة الدفاعية.

وفي وقت سابق، ذكرت وكالة "بلومبيرغ" أن تركيا ستدفع ما يقارب مليارين و500 مليون دولار، من أجل الحصول على أربع كتائب"إس-400"، وأن اثنتين منها سيتم تجميعهما في تركيا.

وفي هذا الصدد، يبدو أن للمخاوف، التي أبدتها بعض الأوساط الروسية من قيام تركيا بنسخ أحدث التقنيات العسكرية الروسية، وبالتالي حصول الناتو على نماذج منها، ما يبررها، حسب رأي الكاتبة الروسية.

وردًا على ذلك، أشارت الكاتبة إلى أن منظومة صواريخ "إس-400" بيعت في وقت سابق إلى الصين، ويوجد في قائمة الانتظار عشرة جيوش أخرى في العالم ترغب بشرائها. لهذا، لو أراد الناتو أن يحصل على نموذج لدراسته، فإنه سوف يتمكن من ذلك، من دون مساعدة تركيا.

ثانيا، روسيا لا تبيع تكنولوجيا التصنيع. و"الإنتاج" المشار إليه عبارة عن تجميع بسيط للقطع الموردة. إضافة إلى ذلك، فإن النماذج الروسية المخصصة للتصدير كافة، تكون دائما "مخففة" أخذا بالاعتبارات الأمنية وحفاظا على الأسرار العسكرية.

ونقلت الكاتبة عن مصدر في وزارة الدفاع الروسية، قوله إن النموذج المصدر، يحتوي على "كابح" يمنع استخدام هذا السلاح ضد صانعه. وهذا يمكن أن يكون مثلا "منارة" يتم تشغيلها في أثناء الحرب، وتعمل على توجيه الطيران والمدفعية إلى مكان أنظمة "إس-400" المباعة.

ويمكن أن يكون أيضا زرا خاصا يتم تشغيله عن بعد، أو "برنامجا مشفرا" يكون "نائما" طيلة الوقت، ولكنه "في حال اندلاع حرب مع الدولة "المنتِجة" لا يعطي توجيها صحيحا. والكل يعرف ذلك، عندما يبيعون ويشترون، بيد أنهم لا يتحدثون عن ذلك"، - كما يقول مصدر وزارة الدفاع الروسية.

وثالثا، إن نَسخ الأسلحة الدقيقة لا يؤدي في حد ذاته إلى نتيجة، بسبب الخصائص الأسوأ للمنسوخ، وضياع الجودة الأصلية. فالصين مثلا نسخت أنظمة الدفاع الجوي "إس-300" – (النموذج الصيني HQ-9).

بيد أن بكين لم تتمكن من بيعها إلى غير تركمانستان، التي تعتمد على الصين الى حد كبير. وخلال هذه الفترة كانت روسيا قد صنعت "إس-400" الأكثر تقدما، وفقًا للتقرير.

وخلصت الكاتبة إلى أن شراء الأسلحة الروسية، التي لم تندمج بعد مع نظام دفاع الناتو، هو خطوة تركية جدية نحو إنشاء جيش مستقل. وذلك بالطبع يشكل تحديا للناتو، وهو مربح لروسيا، لأن الجيش التركي الأكثر كفاءة في أوروبا، عمليا سوف يخرج عن إطار الناتو.

في سياق متصل، يرى خبراء أتراك وأجانب أن صفقة منظومة صواريخ "أس-400" الدفاعية الروسية، تمثل تقاربا "إجباريا" بين أنقرة وموسكو من جهة، وتعكس طبيعة "الصراع على كسب الحلفاء" بين الولايات المتحدة وروسيا عبر معادلات المنطقة من جهة أخرى.

ورغم أن التفاوض على الصفقة بدأ منذ أغسطس/آب 2016، يربط مراقبون توقيت الإعلان عنها بتسليم واشنطن 1400 شاحنة أسلحة لقوات سوريا الديمقراطية -المكونة أساسا من وحدات حماية الشعب الكردية- التي تعدها أنقرة ذراعا لحزب العمال الكردستاني، الذي تصفه بالإرهاب.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!